روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَنَظَرَ نَظۡرَةٗ فِي ٱلنُّجُومِ} (88)

{ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النجوم } أي فتأمل نوعاً من التأمل في أحوالها وهو في نفس الأمر على طرز تأمل الكاملين في خلق السموات والأرض وتفكرهم في ذلك إذ هو اللائق به عليه السلام لكنه أوهمهم أنه تفكر في أحوالها من الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث ليرتب عليه ما يتوصل به إلى غرضه الذي يكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه ، والظاهر بعد اعتبار الإيهام أنه إيهام التفكر في أحكام طالع ولادته عليه السلام وما يدل عليه بزعمهم ما تجدد له من الأوضاع في ذلك الوقت ، وهذا من معاريض الأفعال نظير ما وقع في قصة يوسف عليه السلام من تفتيش أوعية إخوته بني علاته قبل وعاء شقيقه فإن المفتش بدأ بأوعيتهم مع علمه أن الصاع ليس فيها وأخر تفتيش وعاء أخيه مع علمه بأنه فيها تعريضاً بأنه لا يعرف في أي وعاء هو ونفياً للتهمة عنه لو بدأ بوعاء الأخ .

   
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَنَظَرَ نَظۡرَةٗ فِي ٱلنُّجُومِ} (88)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنّي سَقِيمٌ"، ذكر أن قومه كانوا أهل تنجيم، فرأى نجما قد طلع، فعصب رأسه وقال: إني مَطْعُون، وكان قومه يهربُون من الطاعون، فأراد أن يتركوه في بيت آلهتهم، ويخرجوا عنه، ليخالفهم إليها فيكسرها.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

روي أن قومه كان لهم عيد يخرجون إليه فدعوا إبراهيم عليه السلام إلى الخروج معهم فنظر حينئذ، واعتذر بالسقم وأراد البقاء خلافهم إلى الأصنام.

تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :

إنما قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ذلك، ليقيم في البلد إذا ذهبوا إلى عيدهم، فإنه كان قد أزف خروجُهم إلى عيد لهم، فأحب أن يختلي بآلهتهم ليكسرها، فقال لهم كلاما هو حق في نفس الأمر، فَهموا منه أنه سقيم على مقتضى ما يعتقدونه، {فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ} قال قتادة: والعرب تقول لمن تفكر: نظر في النجوم: يعني قتادة: أنه نظر في السماء متفكرا فيما يلهيهم به.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{فنظر نظرة} أي واحدة {في النجوم} حين طلبوا منه أن يخرج معهم إلى عيدهم لئلا ينكروا تخلفه عنهم موهماً لهم أنه استدل بتلك النظرة على مرض باطني يحصل له، لأنهم ربما أنكروا كونه مريضاً إذا أخبرهم بغير النظر في النجوم لأن الصحة ظاهرة عليه.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ويسقط السياق هنا ردهم عليه، وحوارهم معه؛ ويمضي مباشرة في المشهد التالي إلى عزيمته التي قررها في نفسه تجاه هذا الإفك المكشوف:

فنظر نظرة في النجوم. فقال: إني سقيم. فتولوا عنه مدبرين. فراغ إلى آلهتهم فقال: ألا تأكلون؟ مالكم لا تنطقون؟ فراغ عليهم ضرباً باليمين..

ويروى أنه كان للقوم عيد -ربما كان هو عيد النيروز- يخرجون فيه إلى الحدائق والخلوات، بعد أن يضعوا الثمار بين يدي آلهتهم لتباركها. ثم يعودون بعد الفسحة والمرح فيأخذون طعامهم المبارك! وأن إبراهيم -عليه السلام- بعد أن يئس من استجابتهم له؛ وأيقن بانحراف فطرتهم الانحراف الذي لا صلاح له، اعتزم أمراً. وانتظر هذا اليوم الذي يبعدون فيه عن المعابد والأصنام لينفذ ما اعتزم.