الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَنَظَرَ نَظۡرَةٗ فِي ٱلنُّجُومِ} (88)

قوله تعالى : " فنظر نظرة في النجوم " قال ابن زيد عن أبيه : أرسل إليه ملكهم إن غدا عيدنا فاخرج معنا ، فنظر إلى نجم طالع فقال : إن هذا يطلع مع سقمي . وكان علم النجوم مستعملا عندهم منظورا فيه ، فأوهمهم هو من تلك الجهة ، وأراهم من معتقدهم عذرا لنفسه ؛ وذلك أنهم كانوا أهل رعاية وفلاحة ، وهاتان المعيشتان يحتاج فيهما إلى نظر في النجوم . وقال ابن عباس : كان علم النجوم من النبوة ، فلما حبس الله تعالى الشمس على يوشع بن نون أبطل ذلك ، فكان نظر إبراهيم فيها علما نبويا . وحكى جويبر عن الضحاك . كان علم النجوم باقيا إلى زمن عيسى عليه السلام ، حتى دخلوا عليه في موضع لا يطلع عليه منه ، فقالت لهم مريم : من أين علمتم بموضعه ؟ قالوا : من النجوم . فدعا ربه عند ذلك فقال : اللهم لا تفهمهم في علمها ، فلا يعلم علم النجوم أحد ، فصار حكمها في الشرع محظورا ، وعلمها في الناس مجهولا . قال الكلبي : وكانوا في قرية بين البصرة والكوفة يقال لهم هرمز جرد{[13268]} ، وكانوا ينظرون في النجوم . فهذا قول . وقال الحسن : المعنى أنهم لما كلفوه الخروج معهم تفكر فيما يعمل . فالمعنى على هذا أنه نظر فيما نجم له من الرأي ؛ أي فيما طلع له منه ، فعلم أن كل حي يسقم فقال . " إني سقيم " . الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في الشيء يدبره : نظر في النجوم . وقيل : كانت الساعة التي دعوه إلى الخروج معهم فيها ساعة تغشاه فيها الحمى . وقيل : المعنى فنظر فيما نجم من الأشياء فعلم أن لها خالقا . ومدبرا ، وأنه يتغير كتغيرها .


[13268]:ذكر هذا الاسم الطبري في تاريخه ج 2 ص 346 طبعة ليدن م 1.