روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ٱتَّبِعُواْ مَن لَّا يَسۡـَٔلُكُمۡ أَجۡرٗا وَهُم مُّهۡتَدُونَ} (21)

وقوله تعالى : { اتبعوا مَن لاَّ يسألكم أَجْراً } تكرير للتأكيد وللتوسل به إلى وصفهم بما يتضمن نفي المانع عن اتباعهم بعد الإشارة إلى تحقق المقتضى ، وقوله سبحانه : { وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } أي ثابتون على الاهتداء بما هم عليه إلى خير الدنيا والآخرة جملة حالية فيها ما يؤكد كونهم لا يسألون الأجر ولا ما يتبعه من طلب جاه وعلو ولذا جعلت إيغالاً حسناً نحو قول الخنساء :

وإن صخراً لتأتم الهداة به *** كأنه علم في رأسه نار

والظاهر أن الرجل لم يقل ذلك إلا بعد سبق إيمانه ، وروي أنه لما بلغته الدعوة جاء يسعى فسمع كلامهم وفهمه ثم قال لهم : أتطلبون أجراً على دعوتكم هذه ؟ قالوا : لا فدعا عند ذلك قومه إلى اتباعهم والإيمان بهم قائلاً { يا قَوْمٌ } الخ ، وللنحويين في مثل هذا التركيب وجهان ؛ أحدهما : أن تكون { مِنْ } بدلاً من { المرسلين } بإعادة العامل كما أعيد إذا كان حرف جر نحو قوله تعالى : { لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ } [ الزخرف : 33 ] وإليه ذهب بعضهم وثانيهما : وإليه ذهب الجمهور أنه ليس ببدل فإنه مخصوص بما إذا كان العامل المعاد حرف جر أما إذا كان رافعاً أو ناصباً فيسمون ذلك بالتتبيع لا بالبدل ، واستدل بالآية على نقص من يأخذ أجرة على شيء من أفعال الشرع والبحث مستوفى في الفروع .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱتَّبِعُواْ مَن لَّا يَسۡـَٔلُكُمۡ أَجۡرٗا وَهُم مُّهۡتَدُونَ} (21)

ثم ذكر تأييدا لما شهد به ودعا إليه ، فقال : { اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا } أي : اتبعوا من نصحكم نصحا يعود إليكم بالخير ، وليس [ يريد منكم أموالكم ولا أجرا على نصحه لكم وإرشاده إياكم ، فهذا موجب لاتباع من هذا وصفه .

بقي ] أن يقال : فلعله يدعو ولا يأخذ أجرة ، ولكنه ليس على الحق ، فدفع هذا الاحتراز بقوله : { وَهُمْ مُهْتَدُونَ } لأنهم لا يدعون إلا لما يشهد العقل الصحيح بحسنه ، ولا ينهون إلا بما يشهد العقل الصحيح بقبحه .