{ قَالَتْ } استئناف بياني كأن سائلا سأل ما فعلت حين بشرت ؟ فقيل : قالت : { *ياويلتى } من الويل وأصله الخزي ، ويستعمل في كل أمر فظيع ، والمراد هنا التعجب وقد كثرت هذه الكلمة على أفواه النساء إذ طرأ عليهن ما يتعجبن منه ، والظاهر أن الألف بدل من ياء المتكلم ، ولذا أمالها أبو عمرو . وعاصم في رواية ، وبهذا يلغز فيقال : ما ألف هي ضمير مفرد متكلم .
وقرأ الحسن { *يا ويلتي } بالياء على الأصل ، وقيل : إنها ألف الندبة ولذا يلحقونها الهاء فيقولون . يا ويلتاه { قَالَتْ ياويلتى ءأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ } ابنة تسعين سنة على ما روي عن ابن إسحق ، أو تسع وتسعين على ما روي عن مجاهد . { وهذا } الذي تشاهدونه { بَعْلِى } أي زوجي ، وأصل البعل القائم بالأمر فأطلق على الزوج لأنه يقوم بأمر الزوجة ، وقال الراغب : هو الذكر من الزوجين وجمعه بعولة نحو فحل وفحولة ، ولما تصوروا من الرجل استعلاءاً على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها ؛ وسمي به شبه كل مستعل على غيره به فسمي باسمه ، ومن هنا سمي العرب معبودهم الذي يتقربون به إلى الله تعالى بعلا لاعتقادهم ذلك فيه { شَيْخًا } ابن مائة سنة . أو مائة وعشرين ، وهو من شاخ يشيخ ، وقد يقال : للأنثى شيخة كما قال
: وتضحك مني ( شيخة ) عبشمية *** ويجمع على أشياخ . وشيوخ . وشيخان ونصبه على الحال عند البصريين ، والعامل فيه ما في هذا من معنى الإشارة أو التنبيه .
قال الزجاج : ومثل هذه الحال من لطيف النحو وغامضه إذ لا تجوز إلا حيث يعرف الخبر ؛ ففي قولك : هذا زيد قائماً لا يقال إلا لمن يعرفه فيفيده قيامه ولو لم يكن كذلك لزم أن لا يكون زيداً عند عدم القيام وليس بصحيح فهنا بعليته معروفة ، والمقصود بيان شيوخته وإلا لزم أن لا يكون بعلها قبل الشيخوخة قاله الطيبي ، ونظر فيه بأنه إنما يتوجه إذا لم تكن الحال لازمة غير منفكة أما في نحو هذا أبوك عطوفاً فلا يلزم المحذور ، والحال ههنا مبينة هيئة الفاعل أو المفعول لأن العامل فيها ما أشير إليه وبذلك التأويل يتحد عامل الحال وذيها ، وذهب الكوفيون إلى أن هذا يعمل عمل كان و { شَيْخًا } خبره وسموه تقريباً » .
وقرأ ابن مسعود وهو في مصحفه والأعمش شيخ بالرفع على أنه خبر محذوف أي هو شيخ ، أو خبر بعد خبر ، وفي البحر إن الكلام على هذا كقولهم : هذا حلو حامض ، أو هو الخبر ، و { بَعْلِى } بدل من اسم الإشارة . أو بيان له ، وجوز أن يكون { بَعْلِى } الخبر ، و شيخ تابعاً له ، وكلتا الجملتين وقعت حالا من الضمير في { ءأَلِدُ } لتقرير ما فيه من الاستبعاد وتعليله أي أألد وكلانا على حالة منافية لذلك ، وإنما قدمت بيان حالها على بيان حاله عليه السلام لأن مباينة حالها لما ذكر من الولادة أكثر إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب أما العجائز داؤهن عقام ، ولأن البشارة متوجهة إليها صريحاً ولأن العكس في البيان ربما يوهم من أول الأمر نسبة المانع عن الولادة إلى جانب إبراهيم عليه السلام وفيه ما لا يخفى من المحذور ، واقتصارها في الاستبعاد على ولادتها من غير تعرض لحال النافلة لأنها المستبعدة وأما ولادة ولدها فلا يتعلق بها استبعاد قاله سيخ الإسلام { إِنَّ هَذَا } أي ما ذكر من حصول الولد من هرمين مثلنا ، وقيل : هو إشارة إلى الولادة أو البشارة بها ، والتذكير لأن المصدر في تأويل { ءانٍ } مع الفعل ولعل المآل أن هذا الفعل { لَشَىْء عَجِيبٌ } أي من سنة الله تعالى المسلوكة في عباده ، والجملة تعليل بطريق الاستئناف التحقيقي ومقصدها كما قيل : استعظام نعمة الله تعالى عليها في ضمن الاستعجاب العادي لا استبعاد ذلك من حيث القدرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.