روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ} (133)

وقوله تعالى : { أَمَدَّكُمْ بأنعام وَبَنِينَ } منزلة منزلة بدل البعض كما ذكره غير واحد من أهل المعاني ، ووجهه عندهم أن المراد التنبيه على نعم الله تعالى والمقام يقتضي اعتناء بشأنه لكونه مطلوباً في نفسه أو ذريعة إلى غيره من الشكر بالتقوى ، وقوله سبحانه : { أَمَدَّكُمْ بأنعام } الخ أوفى بتأدية ذلك المراد لدلالته على النعم بالتفصيل من غير إحالة على علم المخاطبين المعاندين فوزانه وزان وجهه في أعجبني زيد وجهه لدخول الثاني في الأول لأن { مَا * تَعْلَمُونَ } يشمل الأنعام وما بعدها من المعطوفات ، ولا يخفى ما في التفصيل بعد الإجمال من المبالغة ، وفي «البحر » أن قوله تعالى : { بأنعام } على مذهب بعض النحويين بدل من قوله سبحانه : { بِمَا تَعْلَمُونَ } [ الشعراء : 132 ] وأعيد العامل كقوله تعالى : { اتبعوا المرسلين * اتبعوا مَن لاَّ يَسْئَلُكُمْ أَجْراً } [ يس : 20 ، 21 ] والأكثرون لا يجعلون مثل هذا إبدالاً وإنما هو عندهم من تكرار الجمل وإن كان المعنى واحداً ويسمى التتبيع ، وإنما يجوز أن يعاد العامل عندهم إذا كان حرف جر دون ما يتعلق به نحو مررت بزيد بأخيك انتهى .

ونقل نحوه عن السفاقسي ، وقال أبو حيان : الجملة مفسرة لما قبلها ولا موضع لها ، وبدأ بذكر الأنعام لأنها تحصل بها الرياسة والقوة على العدو والغنى الذي لا تكمل اللذة بالبنين وغيرهم في الأغلب إلا به وهي أحب الأموال إلى العرب ثم بالبنين لأنهم معينوهم على الحفظ والقيام عليها ومن ذلك يعم وجه قرنهما ، ووجه قرن الجنات والعيون في قوله تعالى :