البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ} (133)

ولما أتى بذكر ما أمدهم به مجملاً محالاً على علمهم ، أتى به مفصلاً .

فبدأ بالأنعام ، وهي التي تحصل بها الرئاسة في الدنيا ، والقوة على من عاداهم ، والغنى هو السبب في حصول الذرية غالباً لوجده .

وبحصول القوة أيضاً بالبنين ، فلذلك قرنهم بالأنعام ، ولأنهم يستعينون بهم في حفظها والقيام عليها .

واتبع ذلك بالبساتين والمياه المطردة ، إذ الإمداد بذلك من إتمام النعمة .

{ وبأنعام } : ذهب بعض النحويين إلى أنه بدل من قوله : { بما تعلمون } ، وأعيد العامل كقوله : { اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم } والأكثرون لا يجعلون مثل هذا بدلاً وإنما هو عندهم من تكرار الجمل ، وإن كان المعنى واحداً ، ويسمى التتبيع ، وإنما يجوز أن يعاد عندهم العامل إذا كان حرف جر دون ما يتعلق به ، نحو : مررت بزيد بأخيك .