روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمۡ تَخۡلُدُونَ} (129)

{ وَتَتَّخِذُونَ } أي تعملون { مَصَانِعَ } أي مآخذ للماء ومجاري تحت الأرض كما روي عن قتادة ، وفي رواية أخرى عنه أنها برك الماء . وعن مجاهد أنها القصور المشيدة ، وقيل : الحصون المحكمة . وأنشدوا قول لبيد :

وتبقى جبال بعدنا ومصانع *** وليس بنص في المدعى { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } أي راجين أن تخلدوا في الدنيا أو عاملين عمل من يرجو الخلود فيها فلعل على بابها من الرجاء ، وقيل : هي للتعليل وفي قراءة عبد الله { كَى تَخْلُدُونَ } .

وقال ابن زيد : هي للاستفهام على سبيل التوبيخ والهزء بهم أي هل أنتم تخلدون ، وكون لعل للاستفهام مذهب كوفي ، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : المعنى كأنكم خالدون وقرئ بذلك كما روي عن قتادة ، وفي حرف أبي { لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } وظاهر ما ذكر أن لعل هنا للتشبيه ، وحكى ذلك صريحاً الواقدي عن البغوي .

وفي البرهان هو معنى غريب لم يذكره النحاة . ووقع في «صحيح البخاري » أن لعل في الآية للتشبيه انتهى .

وقرأ قتادة { تَخْلُدُونَ } مبنياً للمفعول مخففا ويقال : خلد الشيء وأخلده غيره ، وقرأ أبي . وعلقمة { تَخْلُدُونَ } مبنياً للمفعول مشدداً كما قال الشاعر :

وهل يعمن إلا سعيد مخلد *** قليل هموم ما يبيت بأوجال