روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمۡ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِيَهۡدِيَهُمۡ طَرِيقًا} (168)

{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ } بما ذكر آنفاً { وَظَلَمُواْ } محمداً صلى الله عليه وسلم بإنكار نبوته وكتمان نعوته الجليلة ، أو الناس بصدهم لهم عن الصراط المستقيم ، والمراد إن الذين جمعوا بين الكفر وهذا النوع من الظلم . { لَّمْ يَكُنْ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ } لاستحالة تعلق المغفرة بالكافر ، والآية في اليهود على الصحيح ، وقيل : إنها في المشركين وما قبلها في اليهود ، وزعم بعضهم أن المراد من الظلم ما ليس بكفر من سائر أنواع الكبائر ، وحمل الآية على معنى إن الذين كان بعضهم كافرين ، وبعضهم ظالمين أصحاب كبائر لم يكن الخ ، ولا يخفى أن ذلك عدول عن الظاهر لم يدع إليه إلا اعتقاد أن العصاة مخلدون في النار تخليد الكفار ، والآية تنبو عن هذا المعتقد ، فإنه قد جعل فيها الفعلان كلاهما صلة للموصول فيلزم وقوع الفعلين جميعاً من كل واحد من آحاده ، الا تراك إذا قلت : الزيدون قاموا فقد أسندت القيام إلى كل واحد من آحاد الجمع ، فكذلك لو عطفت عليه فعلاً آخر لزم فيه ذلك ضرورة ، وسياق الآية أيضاً يأبى ذلك المعنى لكن لم يزل ديدن المعتزلة اتباع الهوى فلا يبالون بأي واد وقعوا { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } .

( وهذا ومن باب الإشارة ) :{ إِنَّ الذين كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } منعوا استعدادهم عن حقوقها من الكمال بارتكاب الرذائل { لَّمْ يَكُنْ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ } لبطلان استعدادهم { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } [ النساء : 168 ] لجهلهم المركب واعتقادهم الفاسد