التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{قَالَ لَهُم مُّوسَىٰٓ أَلۡقُواْ مَآ أَنتُم مُّلۡقُونَ} (43)

حُكي كلام موسى في ذلك الجمع بإعادة فعل { قال } مفصولاً بطريقة حكاية المحاورات لأنه كان المقصود بالمحاورة إذ هم حضروا لأجله .

ووقع في سورة الأعراف ( 115 ) { قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن المُلْقين قال ألقُوا ، واختصر هنا تخييرهم موسى في الابتداء بالأعمال ، وقد تقدم بيانه هناك ، فقول موسى لهم ألقوا } المحكي هنا هو أمر لمجرد كونهم المبتدئين بالإلقاء لتعقبه إبطال سِحرهم بما سيلقيه موسى ، كما يقول صاحب الجدل في علم الكلام للملحد : قرر شبهتك ، وهو يريد أن يدحضها له . وهذا عضد الدين في كتاب « المواقف » يذكر شُبه أهل الزيغ والضلال قبل ذكر الأدلة الناقضة لها . وتقدم الإلقاء آنفاً . وذكر هنا مفعول { ألقوا } واختصر في سورة الأعراف .

وفي كلام موسى عليه السلام استخفاف بما سيلقونه لأنه عبر عنه بصيغة العموم ، أي ما تستطيعون إلقاءه . وتقدم الكلام على الحِبال والعِصيّ في السحر عند الكلام على مثل هذه القصة في سورة طه .