قوله تعالى : { قَالَ لَهُمْ موسى أَلْقُوا ما أَنتُمْ مُلْقُونَ } . اعلم أنهم لما اجتمعوا كان لا بد من ابتداء موسى أو ابتدائهم ، ثم إنهم تواضعوا فقدّموه على أنفسهم ، وقالوا له : { إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَكُونَ نَحْنُ الملقين } [ الأعراف : 115 ] فلما تواضعوا له تواضع هو أيضاً لهم{[37095]} فقدمهم على نفسه ، وقال : { أَلْقُوا مَا أَنتُمْ مُلْقُونَ }{[37096]} . فإن قيل : كيف جاز لموسى - عليه السلام{[37097]} - أن يأمر السحرة بإلقاء الحبال والعصيّ ، وذلك سحر وتلبيس وكفر ، والأمر بمثله لا يجوز ؟ فالجواب : ليس ذلك بأمر ، لأن مراد موسى - عليه السلام{[37098]} - منهم أن يؤمنوا به ، ولا يقدموا{[37099]} على ما يجري مجرى المقاتلة ، وإذا ثبت ذلك وجب تأويل صيغة الأمر ، وفيه وجوه :
أحدها : أن ذلك الأمر كان مشروطاً ، والتقدير : ألقوا ما أنتم ملقون إن كنتم محقين ، كقوله : { فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِن مِثْلِهِ } [ البقرة : 23 ] أي : إن كنتم قادرين .
وثانيها : لما تعين ذلك طريقاً إلى كشف الشبهة صار جائزاً .
وثالثها : أَنَّ هذا ليس بأمر ، بل هو تهديد ، أي{[37100]} : إن فعلتم ذلك أتينا بما يبطله ، كقول القائل : «لئن رميتني لأفعلن ولأصنعن » ثم يفوق{[37101]} له السهم فيقول له : «ارم » فيكون ذلك منه تهديداً .
ورابعها : أنهم لما تواضعوا{[37102]} ( له ){[37103]} وقدموه على أنفسهم فقدمهم على نفسه رجاء أن يصير تواضعه سبباً لقبول الحق ، ولقد حصل ببركة ذلك التواضع ذلك المطلوب{[37104]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.