التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ} (63)

وجملة { فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين } عطف على قوله : { فقل تعالوا } [ آل عمران : 61 ] وهذا تسجيل عليهم إذ نكصوا عن المباهلة ، وقد علم بذلك أنهم قصدوا المكابرة ولم يتطلبوا الحق ، رُوي أنهم لما أبوا المباهلة قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم " فإن أبيتم فأسلموا " فأبوا فقال : " فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد " فأبوا فقال لهم : " فإني أنبذ إليكم على سواء " أي أترك لكم العهد الذي بيننا فقالوا : « ما لنا طاقة بحرب العرب ، ولكنا نصالحك على ألاّ تغزونا ولا تخيفنا ولا تردّنا عن ديننا على أن نؤدّي إليك كلّ عام ألفي حُلة حمراء ألْفاً في صفر وألْفاً في رجب وثلاثين درعاً عادية من حديد » وطلبوا منه أن يبعث معهم رجُلاً أميناً يحكم بينهم فقال : لأبعثنّ معكم أميناً حَقَّ أمينٍ فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، ولم أقف على ما دعاهم إلى طلب أمين ولا على مقدار المدة التي مكث فيها أبو عبيدة بينهم .