الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِٱلۡمُفۡسِدِينَ} (63)

قوله تعالى : { فَإِن تَوَلَّوْاْ } : يجوزُ أَنْ يكونَ مضارعاً وحُذفت منه إحدى التاءين [ تخفيفاً على حدّ ] قراءة { تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ } [ القدر : 4 ]

و " تَذَكَّرون " ويؤيِّد هذا نَسَقُ الكلامِ ونظمُه في خطاب مَنْ تقدم في قوله تعالى " تعالوا " ثم جرى معهم في الخطاب إلى أَنْ قال لهم : فإنْ تَوَلَّوا . وقال أبو البقاء : " ويجوز أن يكونَ مستقبلاً تقديرُه : فإنْ تتولَّوا ، ذكره النحاس وهو ضعيف ؛ لأنَّ حرفَ المضارعة لا يُحْذَفُ " قلت : وهذا ليس بشيء ؛ لأن حرف المضارعة يُحْذَفُ في هذا النحو من غير خلاف ، وسيأتي من ذلك طائفةٌ كثيرة ، وقد أجمعوا على الحذف في قوله : { تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } [ القدر : 4 ] ويجوز أن يكونَ ماضياً أي : فإن تَوَلَّى وفدُ نجران المطلوبُ مباهلتُهم ، ويكون على ذلك في الكلام التفاتٌ ، إذ فيه انتقال من خطابٍ إلى غيبة .

وقوله : { بِالْمُفْسِدِينَ } مِنْ وقوعِ الظاهرِ موقعَ المضمرِ تنبيهاً على العلة المقتضيةِ للجزاء ، وكانَ الأصل : فإنَّ الله عليمٌ بكم ، على الأول ، وبهم ، على الثاني .