وقوله : { فَإِنْ تَوَلَّوْا } يجوز أن يكون مضارعاً - حُذِفَتْ منه إحدى التاءَين ، تخفيفاً - على حَدِّ قراءة : { تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ } [ القدر : 4 ]
و { تَذَكَّرُون } [ الأنعام : 152 ] - ويؤيد هذا نسق الكلام ، ونظمُه في خطاب من تقدم في قوله : { تَعَالَوْا } ثم جرى معهم في الخطاب إلى أن قال لهم : فَإن تولّوا .
قال أبو البقاء : " ويجوز أن يكون مستقبلاً ، تقديره : تتولوا - ذكره النَّحَّاسُ - وهو ضعيفٌ ؛ لأن حَرْفَ الْمُضَارَعةَِ لا يُحْذَف " .
قال شهاب الدين : " وهذا ليس بشيء ؛ لأن حرف المضارعة يُحْذَف - في هذا النحو - من غير خِلافٍ . وسيأتي من ذلك طائفة كثيرة " .
وقد أجمعوا على الحذف في قوله :
{ تَنَزَّلُ الْمَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا } [ القدر : 4 ] .
ويجوز أن يكون ماضياً ، أي : فإن تَوَلَّى وَفْدُ نجرانَ المطلوب مباهلتهم ، ويكون - على ذلك - في الكلام التفات ؛ إذْ فيه انتقال من خطابٍ إلى غيبةٍ .
قوله : { بِالْمُفْسِدِينَ } من وقوع الظاهر موقعَ المُضْمَرِ ، تنبيهاً على العلة المقتضية للجزاءِ ، وكان الأصل : فإن الله عليم بكم - على الأول - وبهم - على الثاني .
ومعنى الآية : فإن تولوا عما وَصَفْتَ لهم من أنه الواحد ، وأنه يجب أن يكون عزيزاً غالباً ، قادراً على جميع المقدوراتِ ، حكيماً ، عالماً بالعواقب - مع أن عيسى ما كان كذلك - فاعلم أن تولّيهم وإعراضَهم ليس إلاَّ على سبيل العِنَادِ ، فاقطع كلامَك عَنْهُم ، وفَوِّضْ أمرك إلى اللهِ ؛ فإنه عليم بالمفسدين الذين يعبدون غيرَ اللهِ ، مُطَّلِع على ما في قلوبهم من الأغراض الفاسدة ، قادرٌ على مجازاتهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.