التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمۡ لَمُحۡضَرُونَ} (127)

ومعنى { فكذَّبُوهُ } أنهم لم يطيعوه تملّقاً لملوكهم الذين أجابوا رغبة نسائهم المشركات لإِقامة هياكل للأصنام فإن ( إيزابل ) ابنة ملك الصيدونيين زوجة ( أخاب ) ملك إسرائيل لما بلغها ما صنع إلياس بسدنة بَعْل ثَأراً لمن قتلته ( إيزابل ) من صالحي إسرائيل أرسلت إلى إلياس تتوعده بالقتل فخرج إلى موضع اسمه ( بئر سبع ) ثم ساح في الأرض وسأل الله أن يقبضه إليه فأمره بأن يعهد إلى صاحبه ( اليسع ) بالنبوءة مِن بعده ، ثم قبضه الله إليه فلم يعرفَ أحد مكانه .

وفي كتاب « إيلياء » من كتب اليهود أن الله رفعه إلى السماء في مركبة يجرها فرسان ، وأن ( اليسع ) شاهده صاعداً فيها ولذلك كان بعض السلف يقول : إن إلياس هو إدريس الذي قال الله فيه : { إنه كان صديقاً نبيئاً ورفعناه مكاناً عليّاً } [ مريم : 56 - 57 ] ، وقيل كان عبد الله بن مسعود يقرأ : { إن إدريس لمن المرسلين } عوض { وإنَّ إلياس } ويقرأ ( سلام على إدراسين ) على أنه لغة في إدريس . ولا يقتضي ما في كتب اليهود من رفعه أن يكون هو إدريس لأن الرفع إذا صحّ قد يتكرر وقد رفع عيسى عليه السلام .

ومعنى { فإنَّهمُ لمُحضرونَ } أن الله يُحضرهم للعقاب ، وقد تقدم عند قوله تعالى : { ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين } في هذه السورة [ الصافات : 57 ] .