المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (112)

وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر «بكل ساحر » وقرأ حمزة والكسائي : «بكل سحار » على بناء المبالغة وكذلك في سورة يونس ، وأجمعوا على «سحار » في سورة الشعراء ، وقال قتادة : معنى الإرجاء الذي أشاروا إليه السجن والحبس .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (112)

جَزْم { يأتوك } على جواب الأمر للدلالة على شدة اتصال السببية بين الإرسال والإتيان ، فالتقدير : إنْ تُرْسل يأتُوك ، وقد قيل : في مثله إنه مجزوم بلام الأمر محْذوفة ، على أن الجملة بدل من { أرسلْ } بدلَ اشتمال . أي : أرسلهم آمراً لهم فليأتوك بكل ساحر عليم ، وهذا الاستعمال كثير في كلام العرب مع فعل القول نحو : { قل لعباديَ الذين آمنوا يُقيموا الصلاة } [ إبراهيم : 31 ] فكذلك ما كان فيه معنى القول كما هنا .

و ( كل ) مستعمل في معنى الكثرة ، أي : بجمع عظيم من السحرة يشبه أن يكون جميع ذلك النوع .

وقرأ الجمهور : { بكل ساحر } وقرأ جمزة ، والكسائي ، وخلف : { بكل سَحّار } ، على المبالغة في معرفة السحر ، فيكون وصف { عليم } تأكيداً لمعنى المبالغة لأن وصف { عليم } الذي هو من أمثلة المبالغة للدلالة على قوة المعرفة بالسحر ، وحذف متعلق { عليم } لأنه صار بمنزلة أفعال السجايا . والمقام يدل على أن المراد قوة علم السحر له .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (112)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يأتوك}، يحشرون عليك، {بكل ساحر عليم}، يعنون عالم بالسحر.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

هذا خبر من الله جلّ ثناؤه عن مَشورَةِ الملإ من قوم فرعون على فرعون، أن يرسل في المدائن حاشرين، يحشرون كلّ ساحر عليم...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ليجتمع كل أنواع السحر لتبيّن سحره...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

... المسألة الثالثة: هذه الآية تدل على أن السحرة كانوا كثيرين في ذلك الزمان، وهذا يدل على صحة ما يقوله المتكلمون، من أنه تعالى يجعل معجزة كل نبي من جنس ما كان غالبا على أهل ذلك الزمان فلما كان السحر غالبا على أهل زمان موسى عليه السلام كانت معجزته شبيهة بالسحر وإن كان مخالفا للسحر في الحقيقة، ولما كان الطب غالبا على أهل زمان عيسى عليه السلام كانت معجزته من جنس الطب، ولما كانت الفصاحة غالبة على أهل زمان محمد عليه الصلاة والسلام لا جرم كانت معجزته من جنس الفصاحة.

تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :

{يأتوك بكل ساحر عليم} بفنون السحر ماهر فيها وهم يكشفون لك كنه ما جاء به موسى فلا يفتتن به أحد.

قرأ الجمهور (ساحر) بصيغة اسم الفاعل، وحمزة والكسائي هنا وفي يونس (سحّار) بصيغة المبالغة له وجاء ذلك بالإمالة وعدمها –وبها قرأ الجميع في الشعراء.

ورسمهما في المصحف الإمام واحد هكذا (سحر) ليحتمل القراءتين ووجههما أن فرعون لما طلب كل ساحر عليم في مدائن البلاد خص بالذكر المهرة المتمرنين في السحر المكثرين منه-أو أن بعض ملئه طلب هؤلاء فقط لأنهم أجدر بإتيان موسى بمثل ما جاء به من الأمر العظيم كما حكى الله تعالى عن فرعون في سورة طه: {قال أجئتنا لتخرجنا من أرضنا بسحرك يا موسى فلنأتينك بسحر مثله} [طه: 57، 58] وطلب آخرون حشر جميع السحرة الراسخين في العلم لعله يوجد عند بعض المقتصدين أو المقلين من السحر ما لا يوجد عند المكثرين منه –فبينت القراءتان كل ما قيل مع الإيجاز البليغ.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

نعم ابعث من يجمع لك كل ساحر ماهر في حرفته عليم في سحره (يأتوك بكل ساحر عليم).

فهل هذا الاقتراح من جانب حاشية فرعون كان لأجل أنّهم كانوا يحتملون صدق ادعاء موسى للنّبوة، وكانوا يريدون اختباره؟

أو أنّهم على العكس كانوا يعتبرونه كاذباً في دعواه، ويريدون افتعال ذريعة سياسية لأي موقف سيتخذونه ضد موسى كما كانوا يفعلون ذلك في بقية مواقفهم ونشاطاتهم الشخصية؟ ولهذا اقترحوا إرجاء أمر قتل موسى وأخيه نظراً لمعجزتيه اللتين أورثتا رغبة في مجموعة كبيرة من الناس في دعوته وانحيازهم إليه، ومزجت صورة «نبوته» بصورة «المظلومية والشهادة» وأضفت بضم الثّانية إلى الأُولى مسحة من القداسة والجاذبية عليه وعلى دعوته.

ولهذا فكروا في بداية الأمر في إجهاض عمله بأعمال خارقة للعادة مماثلة، ويسقطوا اعتباره بهذه الطريقة، ثمّ يأمرون بقتله لتنسى قصة موسى وهارون وتمحى عن الأذهان إلى الأبد.

يبدو أن الاحتمال الثّاني بالنظر إلى القرائن الموجودة في الآيات أقرب إلى النظر.