اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَأۡتُوكَ بِكُلِّ سَٰحِرٍ عَلِيمٖ} (112)

قرأ الأخوان{[16676]} هنا وفي سورة " يونس " [ 79 ] " سحّار " والباقون " ساحر " ، فسحَّارٌ للمبالغة وساحر يحتملها ، ولا خلاف في التي في " الشُّعراء " أنها سحَّارٌ مثال مبالغة .

واختلفوا في السَّاحر والسحَّار : فقيل : السَّاحر الذي يعلم السِّحْرَ ولا يعلم ، والسحَّارُ الذي يعلم .

وقيل : السَّاحِرُ من يكون سحره في وقت دون وقت ، والسحَّارُ من يديم السحر .

و " الباء " في قوله : " بِكلّ " يحتمل أن تكون باء التَّعدية ويحتمل أن تكون بمعنى مع .

وقال ابن عباس وابن إسحاق والسُّدِّيُّ : إنَّ فرعون اتخذ علمه من بني إسرائيل ، فبعث بهم إلى قرية يقال لها : الفرما يعلموهم فعلموهم سحراً كثيراً ، فلما بعث إلى السَّحرة جاءوا ومعلمهم معهم{[16677]} . وهذه الآية تدلُّ على كثرة السَّحرةِ في ذلك الزَّمانِ ، وذلك يدلُّ على صِحَّةِ قول المتكلِّمين من أنه تعالى يجعل معجزة كل نبيّ من جنس ما كان غالباً على أهل ذلك الزمان ، فلما كان السِّحر غالباً على أهل زمان موسى كانت معجزته من جنس السحر . ولما كان الطبُّ غالباً على أهل زمان عيسى كانت معجزته من جنس الطبِّ . ولما كانت الفصاحة غالبة على أهل زمان محمد صلى الله عليه وسلم كانت معجزته من جنس الفصاحة .


[16676]:ينظر: السبعة 289، والحجة 4/63، 64، وإعراب القراءات 1/199، وحجة القراءات 291، 292، والعنوان 96، وشرح الطيبة 4/303، وشرح شعلة 394، وإتحاف 2/57.
[16677]:أخرجه الطبري في تفسيره 6/20 عن ابن عباس وابن إسحاق والسدي.