المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{تَصۡلَىٰ نَارًا حَامِيَةٗ} (4)

وقرأ الستة وحفص عن عاصم والأعرج وطلحة وأبو جعفر والحسن : «تَصْلى » بفتح التاء وسكون الصاد على بناء الفعل للفاعل ، أي الوجوه ، وقرأ أبو بكر عن عاصم وأبو عمرو بخلاف عنه وأبو رجاء وأبو عبد الرحمن وابن محيصن ، واختلف عن نافع وعن الأعرج «تُصْلى » تضم التاء وسكون الصاد ، وذلك يحتمل أن يكون من صليته النار على معنى أصليته ، فيكون كتضرب ، ويحتمل أن يكون من أصليت ، فتكون كتكرم ، وقرأ بعض الناس : «تُصَلّى » بضم التاء وفتح الصاد وشد اللام على التعدية بالتضعيف ، حكاها أبو عمرو بن العلاء ، و «الحامية » ، المتوقدة المتوهجة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{تَصۡلَىٰ نَارًا حَامِيَةٗ} (4)

وجملة : { تصلى ناراً حامية } خبر رابع عن { وجوه } . ويجوز أن تكون حالاً ، يقال : صَلِيَ يصلَى ، إذا أصابه حرُّ النار ، وعليه فذكر : { ناراً } بعد { تصلى } لزيادة التهويل والإِرهاب وليُجرَى على { ناراً } وصف { حامية } .

وقرأ الجمهور { تصلى } بفتح التاء أي يُصيبُها صِلْيُ النار . وقرأه أبو عمرو وأبو بكر عن عاصم ويعقوب « تُصْلَى » بضم التاء من أصلاه النار بهمزة التعدية إذا أناله حرَّها .

ووصف النار ب { حامية } لإفادة تجاوز حرها المقدار المعروف لأن الحمي من لوازم ماهية النار فلما وصفت ب { حامية } كان دالاً على شدة الحمى قال تعالى : { نار اللَّه الموقدة } [ الهمزة : 6 ] .

وأخبر عن { وجوه } خبراً خامساً بجملة { تسقى من عين آنية } أو هو حال من ضمير { تصلى } لأن ذكر الاحتراق بالنار يُحضر في الذهن تطلب إطفاء حرارتها بالشراب فجُعل شرابهم من عين آنية .

يقال : أنَى إذا بلغ شدة الحرارة ، ومنه قوله تعالى : { يطوفون بينها وبين حميم آن } في سورة الرحمن ( 44 ) .