قوله : { تصلى نَاراً حَامِيَةً } : هذا هو الخبر .
قرأ أبو عمرو وأبو بكر{[59959]} ويعقوب - رضي الله عنهم - بضم التاء على ما يسم فاعله .
والباقون : بالفتح ، على تسمية الفاعل ، [ والضمير على ]{[59960]} كلتا القراءتين للوجوه .
وقرأ أبو رجاء{[59961]} : بضم التاء ، وفتح الصَّاد ، وتشديد اللام ، وقد تقدم معنى ذلك كله في سورتي : «الانشقاق والنساء » .
والمعنى : يصيبها صلاؤها وحرُّها ، «حامية » أي شديدة الحرِّ ، أي قد أوقدت وأُحميت مدةً طويلة ، ومنه : حَمِيَ النهار - بالكسر - وحَمِيَ التنور حمياً فيهما ، أي : اشتد حره ، وحكى الكسائي : اشتد حمى الشمس وحموها بمعنى .
قال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ اللهَ أوْقدهَا ألف سنةٍ حتَّى احمرَّت ، ثُمَّ أوْقدَ عليْهَا ألفَ سنةٍ حتَّى ابْيَضَّتْ ، ثُمَّ أوقدَ عَليْهَا حتَّى اسْودَّتْ ، فهي سَوداءُ مُظْلِمَةٌ »{[59962]} .
قال الماوردي : فإن قيل : فما معنى وصفها بالحَمْي ، وهي لا تكون إلا حامية ، وهو أقل أحوالها ، فما وجه المبالغة بهذه الصفة الناقصة ؟ .
قيل : قد اختلف في المراد بالحامية هاهنا .
قيل : المراد : أنها دائمة [ الحمي ]{[59963]} ، وليست كنارِ الدنيا التي ينقطع حميها بانطفائها .
الثاني : أن المراد بالحامية أنَّها حمى من ارتكاب المحظورات ، وانتهاك المحارم ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : «إنَّ لكُلِّ مَلكٍ حِمىً ، وإنَّ حِمَى اللهِ في أرْضهِ محارمهُ ، ومن يرتع حولَ الحِمَى يُوشِك أن يقعَ فِيهِ »{[59964]} .
الثالث : أنها تحمي نفسها عن أن تطاق ملامستها ، وترام مماستها ، كما يحمي الأسد عرينه ؛ كقول الشاعر : [ البسيط ]
5181- تَعْدُو الذِّئَابُ على مَنْ لا كِلاب لَهُ *** وتتَّقِي صَوْلةَ المُستأسدِ الحَامِي{[59965]}
الرابع : وقيل : المراد أنَّها حامية حمي غيظ وغضب مبالغة في شد الانتقام ، كقوله تعالى { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } [ الملك : 8 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.