المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ ٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَيۡهِ وَهَدَىٰ} (122)

{ اجتباه } معناه تخيره واصطفاه ، و «تاب عليه » معناه رجع به من حال المعصية إلى حال الندم وهداه لصلاح الأقوال والأعمال وأمضى عقوبته عز وجل في إهباطه من الجنة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ثُمَّ ٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَيۡهِ وَهَدَىٰ} (122)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ثم اجتباه ربه} يعني: استخلصه ربه عز وجل {فتاب عليه} من ذنبه

{وهدى}، يعني: وهداه للتوبة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله "ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى "يقول: اصطفاه ربه من بعد معصيته إياه فرزقه الرجوع إلى ما يرضى عنه، والعمل بطاعته، وذلك هو كانت توبته التي تابها عليه، وقوله: "وَهَدَى" يقول: وهداه للتوبة، فوفَّقه لها.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أخبر أنه بعد ما عصى، وبعد كلِّ ما فَعَلَه اجتباه ربُّه؛ فالذي اصطفاه أولاً بلا عِلَّة اجتباه ثانياً بعد الزَّلَّة، فَتَابَ عليه، وغَفَر ذنبَه، {وَهَدَى}: أي هداه إليه حتى اعتذر واستغفر.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: ما معنى {ثُمَّ اجتباه رَبُّهُ}؟ قلت: ثم قبله بعد التوبة وقرّبه إليه، من جبى إليّ كذا فاجتبيته... ومنه قوله عز وجل {وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بآية قَالُواْ لَوْلاَ اجتبيتها} [الأعراف: 203] أي هلا جبيت إليك فاجتبيتها. وأصل الكلمة: الجمع... و {هدى} أي وفقه لحفظ التوبة وغيره من أسباب العصمة والتقوى.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{اجتباه} معناه تخيره واصطفاه، و «تاب عليه» معناه رجع به من حال المعصية إلى حال الندم وهداه لصلاح الأقوال والأعمال، وأمضى عقوبته عز وجل في إهباطه من الجنة.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

فالمعنى ثم اصطفاه فتاب عليه أي عاد عليه بالعفو والمغفرة وهداه رشده حتى رجع إلى الندم والاستغفار وقبل الله منه ذلك..

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان الرضى عنه -مع هذا الفعل الذي أسرع فيه اتباع العدو وعصيان الولي بشيء لا حاجة به إليه- مستبعداً جداً، أثبت ذلك تعالى مشيراً إليه بأداة التراخي فقال: {ثم اجتباه ربه} أي المحسن إليه {فتاب عليه} أي بسبب الاجتباء بالرجوع إلى ما كان عليه من طريق السداد {وهدى} بالحفظ في ذلك كما هو الشأن في أهل الولاية والقرب.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم أدركت آدم وزوجه رحمة الله، بعدما عصاه، فقد كانت هذه هي التجربة الأولى: (ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى).. بعدما استغفر آدم وندم واعتذر. ولا يذكر هذا هنا لتبدو رحمة الله في الجو وحدها..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

والاجتباء: الاصطفاء. وتقدم عند قوله تعالى: {واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} في الأنعام (87)، وقوله {اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم} في النحل (121). والهداية: الإرشاد إلى النفع. والمراد بها إذا ذكرت مع الاجتباء في القرآن النبوءة كما في هذه الآيات الثلاث.

زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :

والاجتباء: الاختيار والاصطفاء، وقد اجتباه ابتداء بأن جعله أول خلقه، واجتباه ثاني بأن اختاره للاختبار، وتاب عليه من هذه المعصية التي عصاها، فرجع الله تعالى إليه بالمغفرة، إذ تاب هو بالشعور بالخطأ، وعاد الله تعالى عليه بالمغفرة، ثم بالهداية بعد ذلك. وهذا المعنى يشير إلى أن الخطأ في طبيعة الإنسان، والتوبة خلق المهديين والله تعالى غفور رحيم.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

إذن: مثل آدم دور الإنسان العادي الذي يطيع ويعصي، ويسمع كلام الشيطان، لكن ربه شرع له التوبة كما قال سبحانه: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه.. (37)} (البقرة). إذن: عصى آدم وهو إنسان عادي وليس وهو نبي كما يقول البعض. فقوله: {ثم اجتباه}: هذه بداية لمرحلة النبوة في حياة آدم عليه السلام، و (ثم) تعني الترتيب مع التراخي {اجتباه} اصطفاه ربه، ولم يقل الحق سبحانه: ثم اجتباه الله، إنما {اجتباه ربه}: لأن الرب المتولي للتربية والرعاية، ومن تمام التربية الإعداد للمهمة، ومن ضمن إعداد آدم لمهمته أن يمر بهذه التجربة، وهذا الترتيب في الجنة. {وهدى}: المراد بالهداية قوله: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى}.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{وَهَدَى} وفتح له أبواب رحمته، ودله على الطريق المستقيم، وأراده أن يواجه الحياة من مواقع قوة الإرادة في ساحة الصراع مع الشيطان، ولعلَّ الله سبحانه أراد أن يجعل له من تجربة العصيان في الجنة، فترة تدريبية للتعرف على طرق وأساليب الشيطان من الكذب والغش والدجل والخيانة والرياء، وذلك قبل أن ينزل إلى الأرض التي أعدّه الله ليكون خليفة له فيها، فيستفيد من تجربة سقوطه وخروجه من الجنة نتيجة لإغواء الشيطان ويعمل على تفادي مكائده في الأرض بعد أن ذاق مرها في الجنة، خاصة وأنه سيوكل إليه دوراً رسالياً يجب أن يتسلمه وهو في مواقع القوة لا الضعف. وهكذا أراد الله له أن يعيش الشعور برضا الله عنه، وهدايته له في ما يريد له أن يتحرك فيه.