فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ ٱجۡتَبَٰهُ رَبُّهُۥ فَتَابَ عَلَيۡهِ وَهَدَىٰ} (122)

{ ثم اجتباه ربه } أي اصطفاه وقربه واختار بالحمل على التوبة والتوفيق لها من جبى إليّ كذا فاجتبيته ، وأصل الكلمة الجمع ، قال ابن فورك : كانت المعصية هذه من آدم قبل النبوة بدليل ما في هذه الآية فإنه ذكر الاجتباء والهداية بعد أن ذكر المعصية وإذا كانت المعصية قبل النبوة فجائز عليهم الذنوب وجها واحدا { فتاب عليه } من معصيته وقبل توبته .

{ وهدى } أي هداه إلى الثبات والمداومة على التوبة ، فلم ينقضها أو إلى الاعتذار والاستغفار ، قيل وكانت توبة الله عليه قبل أن يتوب هو وحواء ، بقولهما : { بنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } ، وقد مر وجه تخصيص آدم بالذكر دون حواء . وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( حاج آدم موسى ، قال له : أنت الذي أخرجت الناس من الجنة بذنبك وأشقيتهم بمعصيتك . قال آدم : يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه أتلومني على أمر كتبه الله عليّ قبل أن يخلقني ، أو قدره عليّ قبل أن يخلقني ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فحج آدم موسى ) {[1194]}


[1194]:مسلم 2652-البخاري 1604.