المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ} (19)

و { عليون } قيل هو جمع على وزن فعل بناء مبالغة يريد بذلك الملائكة ، فلذلك أعرب بالواو والنون ، وقيل يريد المواضع العلية لأنه علو فوق علو ، فلما كان هذا الاسم على هذا الوزن لا واحد له أشبه عشرين فأعرب بإعراب الجموع إذا أشبهها ، وهذا أيضاً كقنسرين فإنك تقول طابت قنسرين ودخلت قنسرين{[11686]} ، واختلف الناس في الموضع المعروف ، ب { عليين } ما هو ؟ فقال قتادة : قائمة العرش اليمنى ، وقال ابن عباس : السماء السابعة تحت العرش ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال الضحاك : هو عند سدرة المنتهى ، وقال ابن عباس : { عليون } : الجنة ، وقال مكي : هو في السماء الرابعة ، وقال الفراء عن بعض العلماء : في السماء الدنيا ، والمعنى أن كتابهم الذي فيه أعمالهم هنالك تهمماً بها وترفيعاً لها ، وأعمال الفجار في سجين في أسفل سافلين ، لأنه روي عن أبيّ بن كعب وابن عباس : أن أعمالهم يصعد بها إلى السماء فتأباها ، ثم ترد إلى الأرض فتأباها أرض بعد أرض حتى تستقر في سجن تحت الأرض السابعة


[11686]:بكسر القاف وفتح النون المشددة ثم سين بدون نقط، وقد تكسر النون مع التشديد، وهي مدينة بالشام تم فتحها على يد أبي عبيدة بن الجراح سنة 17 للهجرة، وكانت شيئا واحدا مع حمص. (راجع معجم البلدان للحموي (5/402 وما بعدها).