فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا عِلِّيُّونَ} (19)

وقوله { كلا } للردع والزجر عما كانوا عليه والتكرير للتأكيد .

وجملة { إن كتاب الأبرار لفي عليين } مستأنفة لبيان ما تضمنته ، ويجوز أن تكون كلا بمعنى حقا فتلخص أن في كل واحدة من الأربعة الواقعة في هذه السورة قولين ، والأبرار هم المطيعون وكتابهم صحائف حسناتهم ، قال الفراء عليين ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية له .

ووجه هذا أنه منقول من جمع علي من العلو قال الزجاج : هو أعلى الأمكنة قال الفراء والزجاج : فأعرب كإعراب الجمع لأنه على لفظ الجمع ولا واحد له من لفظه نحو ثلاثين وعشرين وقنسرين قيل هو علم لديوان الخير الذي دون فيه ما عمله الصالحون وحكى الولد عن المفسرين أنه السماء السابعة . قال الضحاك ومجاهد وقتادة يعني السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين ، وقال الضحاك أيضا هو سدرة المنتهى ينتهي إليه كل شيء من أمر الله لا يعدوها . وقيل هو الجنة وبه قال ابن عباس : وقال قتادة أيضا هو فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمني ، وقيل أن عليين صفة للملائكة في الملأ الأعلى كما يقال فلان بني فلان أي في جملتهم ، وقيل هو لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش مكتوبة فيه أعمالهم وقيل هو قائمة العرش اليمني وقيل هو مراتب عالية محفوفة بالجلالة وقد عظمها الله وأعلاها .

{ وما أدراك ما عليون } أي ما أعلمك يا محمد أي شيء عليون ، على جهة التفخيم والتعظيم لعليين .

أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق شمر ابن عطية أن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن قوله { إن كتاب الأبرار لفي عليين } قال " روح المؤمن إذا قبضت عرج بها إلى السماء ففتح لها أبواب السماء وتلقاها الملائكة بالبشرى حتى ينتهي بها إلى العرش ، وتعرج الملائكة فيخرج لها من تحت العرش رق فيرقم ويختم ويوضع تحت العرش لمعرفة النجاة لحساب يوم الدين " .

وعن أبي أمامة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " صلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب في عليين " أخرجه أحمد وأبو داود والطبراني وابن مردويه .