المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{يَتِيمٗا ذَا مَقۡرَبَةٍ} (15)

وقوله تعالى ( ذا مقربة ) معناه : ذا قرابة ، لتجتمع الصدقة والصلة وهذا نحو ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزينب امرأة عبد الله بن مسعود : ( تصدقي على زوجك فهي صدقة لك وصلة ){[11838]} .


[11838]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده (2/373، 374) عن أبي هريرة وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من الصبح يوما، فأتى النساء في المسجد، فوقف عليهن فقال: يا معشر النساء، ما رأيت من نواقص عقول ودين أذهب لقلوب ذوي الألباب منكن، فإني قد رأيتكن أكثر أهل النار يوم القيامة، فتقربن إلى الله ما استطعتن، وكان في النساء امرأة عبد الله بن مسعود فأتت إلى عبد الله بن مسعود فأخبرته بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذت حليا لها، فقال ابن مسعود: فأين تذهبين بهذا الحلي؟ فقالت: أتقرب به إلى الله عز وجل ورسوله، لعل الله ألا يجعلني من أهل النار، فقال: ويلك، هلمي فتصدقي به علي وعلى ولدي، فأنا له موضع، فقالت: لا والله حتى أذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فذهبت تستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: هذه زينب تستأذن يا رسول الله، فقال: أي الزيانب هي؟ فقالوا: امرأة عبد الله بن مسعود، فقال: ائذنوا لها، فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني سمعت منك مقالة فرجعت إلى ابن مسعود فحدثته، وأخذت حليا أتقرب به إلى الله وإليك رجاء ألا يجعلني الله من أهل النار، فقال لي ابن مسعود: تصدقي به علي وعلى ولدي، فأنا له موضع، فقلت حتى أستأذن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تصدقي به عليه وعلى بنيه فإنهم له موضع، ثم قالت: يا رسول الله، أرأيت ما سمعت منك حين وقفت علينا، ما رأيت من نواقص عقول قط ولا دين أذهب بقلوب ذوي الألباب منكن، قالت: يا رسول الله، فما نقصان ديننا وعقولنا؟ فقال: أما ما ذكرت من نقصان دينكن فالحيضة التي تصيبكن، تمكث إحداكن ما شاء الله أن تمكث لا تصلي ولا تصوم، فذلك من نقصان دينكن، وأما ما ذكرت من نقصان عقولكن فشهادتكن، إنما شهادة المرأة نصف شهادة.