معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

قوله تعالى : { قالوا } مجيبين لها : { نحن أولو قوة } في القتال ، { وأولو بأس شديد } عند الحرب ، قال مقاتل : أرادوا بالقوة كثرة العدد ، وبالبأس الشديد الشجاعة ، وهذا تعريض منهم بالقتال إن أمرتهم بذلك ، ثم قالوا : { والأمر إليك } أيتها الملكة في القتال وتركه ، { فانظري } من الرأي ، { ماذا تأمرين } تجدينا لأمرك مطيعين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

فراجعها الملأ بما يقر عينها من إعلامهم إياها ب «القوة والبأس » أي وذلك مبذول إليك فقاتلي إن شئت ، ثم سلموا الأمر إلى نظرها وهذه محاورة حسنة من الجميع ، وفي قراءة عبد الله «ما كنت قاضية أمراً » بالضاد من القضاء ، وذكر مجاهد في عدد أجنادها أنها كان لها اثنا عشر ألفاً ، قيل تحت يد كل واحد منهم مائة ألف .

قال القاضي أبو محمد : وهذا بعيد ، وذكر غيره نحوه فاختصرته لبعد الصحة عنه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالُواْ نَحۡنُ أُوْلُواْ قُوَّةٖ وَأُوْلُواْ بَأۡسٖ شَدِيدٖ وَٱلۡأَمۡرُ إِلَيۡكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأۡمُرِينَ} (33)

جواب بأسلوب المحاورة فلذلك فُصل ولم يعطف كما هي طريقة المحاورات . أرادوا من قولهم : نحن ، جماعة المملكة الذين هم من أهل الحرب . فهو من إخيار عرفاء القوم عن حال جماعاتهم ومن يفوض أمرهم إليهم . والقوة : حقيقتها ومجازها تقدم عند قوله تعالى : { فخذها بقوة } في سورة الأعراف ( 145 ) . وأطلقت على وسائل القوة كما تقدم في قوله تعالى : { وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة } في سورة الأنفال ( 60 ) ، أي وسائل القدرة على القتال والغلبة ، ومن القوة كثرة القادرين على القتال والعارفين بأساليبه .

والبأسُ : الشدة على العدوّ ، قال تعالى : { والصابرين في البأساء والضراء وحينَ البأس } [ البقرة : 177 ] أي في مواقع القتال ، وقال : { بأسهم بينهم شديد } [ الحشر : 14 ] ، وهذا الجواب تصريح بأنهم مستعدون للحرب للدفاع عن ملكهم وتعريض بأنهم يميلون إلى الدفع بالقوة إن أراد أن يكرههم على الدخول تحت طاعته لأنهم حملوا ما تضمنه كتابه على ما قد يفضي إلى هذا .

ومع إظهار هذا الرأي فوّضوا الأمر إلى الملكة لثقتهم بأصالة رأيها لتنظر ما تأمرهم فيمتثلونه ، فحذف مفعول { تأمرين } ومتعلقه لظهورهما من المقام ، والتقدير : ما تأمريننا به ، أي إن كان رأيك غير الحرب فمُري به نُطعك .

وفعل { انظري } معلق عن العمل بما بعده من الاستفهام وهو { ماذا تأمرين } .

وتقدم الكلام على { ماذا } في قوله : { وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم } في سورة النحل ( 24 ) .