تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ عَادٞ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} (18)

18

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ عَادٞ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} (18)

{ عاد } قبيلة وقد تقدم قصصها . وقوله تعالى : { فكيف كان عذابي ونذر } ، «كيف » نصب إما على خبر { كان } وإما على الحال . و : { كان } بمعنى وجد ووقع في هذا الوجه . { ونذر } جمع نذير وهو المصدر . وقرأ ورش وحده : «ونذري » بالياء ، وقرأ الباقون «ونذر » بغير ياء على خط المصحف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ عَادٞ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} (18)

موقع هذه الجملة كموقع جملة { كذبت قبلهم قوم نوح } [ القمر : 9 ] فكان مقتضى الظاهر أن تعطف عليها ، وإنما فصلت عنها ليكون في الكلام تكرير التوبيخ والتهديد والنعي عليهم عقب قوله : { ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغن النذر } [ القمر : 4 ، 5 ] . ومقام التوبيخ والنعي يقتضي التكرير .

والحكم على عاد بالتكذيب عموم عرفي بناء على أن معظمهم كذبوه وما آمن به إلا نفر قليل قال تعالى : { ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمة منا } [ هود : 58 ] .

وفرع على التذكير بتكذيب عاد قوله : { فكيف كان عذابي ونذر } قبل أن يذكر في الكلام ما يشعر بأن الله عذبهم فضلاً عن وصف عذابهم .

فالاستفهام مستعمل في التشويق للخبر الوارد بعده وهو مجاز مرسل لأن الاستفهام يستلزم طلب الجواب والجواب يتوقف على صفة العذاب وهي لَمّا تذكر فيحصل الشوق إلى معرفتها وهو أيضاً مكنى به عن تهويل ذلك العذاب .

وفي هذا الاستفهام إجمال لحال العذاب وهو إجمال يزيد التشويق إلى ما يبينه بعده من قوله : { إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً } الآية ، ونظيره قوله تعالى : { عم يتساءلون } [ النبأ : 1 ] ثم قوله : { عن النبأ العظيم } [ النبأ : 2 ] الآية .

وعطف { ونذر } على { عذابي } بتقدير مضاف دل عليه المقام ، والتقدير : وعاقبة نذري ، أي إنذاراتي لهم ، أي كيف كان تحقيق الوعيد الذي أنذرهم .

ونُذر : جمع نذير بالمعنى المصدري كما تقدم في أوائل السورة وقد علمت بما ذكرنا أن جملة « فكيف كان عذابي ونذري » هذه ليست تكريراً لنظيرها السابق في خبر قوم نوح ، ولا اللاحق في آخر قصة عاد للاختلاف الذي علمته بين مُفادها ومفاد مماثلتها وإن اتحدت ألفاظهما .

والبليغ يتفطن للتغاير بينهما فيصرفه عن توهم أن تكون هذه تكريراً فإنه لما لم يسبق وصف عذاب عاد لم يستقم أن يكون قوله : { فكيف كان عذابي } تعجيباً من حالة عذابهم .

وقوله : { ونذر } موعظة من تحقق وعيد الله إياهم ، وقد أشار الفخر إلى هذا وقفينا عليه ببسط وتوجيه . وأصل السؤال عن تكرير هذه الجملة أثناء قصة عاد هنا أورده في كتاب « درة التنزيل وغرة التأويل » المنسوب إلى الفخر وإلى الراغب إلا أن كلام الفخر في « التفسير » أجدر بالتعويل مما في « درة التنزيل » .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ عَادٞ فَكَيۡفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} (18)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{كذبت عاد} هودا بالعذاب {فكيف كان عذابي ونذر} يقول: الذي أنذر قومه ألم يجدوه حقا؟...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: كذّبت أيضا عاد نبيهم هودا صلى الله عليه وسلم فيما أتاهم به عن الله، كالذي كذّبت قوم نوح، وكالذي كذّبتم مَعْشر قريش نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم وعلى جميع رسله.

"فَكَيْفَ كانَ عَذَابِي وَنُذُرِ" يقول: فانظروا معشر كفرة قريش بالله كيف كان عذابي إياهم، وعقابي لهم على كفرهم بالله، وتكذيبهم رسوله هودا، وإنذاري بفعلي بهم ما فعلت من سلك طرائقهم، وكانوا على مثل ما كانوا عليه من التمادي في الغيّ والضلالة.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

كَذَّبوا هوداً، فأرسلنا عليهم {رِيحاً صَرْصَراً} أي: باردةً شديدة الهُبوب، يُسْمَعُ لها صوت. {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ} أي: في يوم شؤم استمرَّ فيه العذابُ بهم، ودام ذلك فيهم ثمانيةَ أيام وسَبْعَ ليالٍ، وقيل: دائم الشؤم تنزع رياحُه الناسَ عن حُفَرِهم التي حفروها. حتى صاروا كأنهم أسافلُ نخلٍ مُنْقَطِع. وقيل: كانت الريح تقتلع رؤوسهم عن مناكبهم ثم تُلْقي بهم كأنهم أصول نخلٍ قطعت رؤوسُها.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{وَنُذُرِ} وإنذاري لهم بالعذاب قبل نزوله. أو إنذار أتى في تعذيبهم لمن بعدهم.

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} لتوجيهِ قلوبِ السامعينَ نحوَ الإصغاءِ إلى ما يُلقى إليهم قبلَ ذكرِه لا لتهويلِه وتعظيمِه وتعجيبِهم من حالةِ بعدَ بيانِه كما قبلَه وما بعدَهُ كأنَّه قيلَ كذبتْ عادٌ فهل سمعتُم أو فاسمعُوا كيفَ كانَ عذابِي وإنذاراتِي لهم.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

{كَذَّبَتْ عَادٌ} شروع في قصة أخرى ولم تعطف وكذا ما بعدها من القصص إشارة إلى أن كل قصة مستقلة في القصد والاتعاظ.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

موقع هذه الجملة كموقع جملة {كذبت قبلهم قوم نوح} [القمر: 9] فكان مقتضى الظاهر أن تعطف عليها، وإنما فصلت عنها ليكون في الكلام تكرير التوبيخ والتهديد والنعي عليهم عقب قوله: {ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغن النذر} [القمر: 4، 5]. ومقام التوبيخ والنعي يقتضي التكرير.

والحكم على عاد بالتكذيب عموم عرفي بناء على أن معظمهم كذبوه وما آمن به إلا نفر قليل قال تعالى: {ولما جاء أمرنا نجينا هوداً والذين آمنوا معه برحمة منا} [هود: 58].

وفرع على التذكير بتكذيب عاد قوله: {فكيف كان عذابي ونذر} قبل أن يذكر في الكلام ما يشعر بأن الله عذبهم فضلاً عن وصف عذابهم.

فالاستفهام مستعمل في التشويق للخبر الوارد بعده وهو مجاز مرسل لأن الاستفهام يستلزم طلب الجواب والجواب يتوقف على صفة العذاب وهي لَمّا تذكر فيحصل الشوق إلى معرفتها وهو أيضاً مكنى به عن تهويل ذلك العذاب.

وفي هذا الاستفهام إجمال لحال العذاب وهو إجمال يزيد التشويق إلى ما يبينه بعده من قوله: {إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} الآية، ونظيره قوله تعالى: {عم يتساءلون} [النبأ: 1] ثم قوله: {عن النبأ العظيم} [النبأ: 2] الآية.

وعطف {ونذر} على {عذابي} بتقدير مضاف دل عليه المقام، والتقدير: وعاقبة نذري، أي إنذاراتي لهم، أي كيف كان تحقيق الوعيد الذي أنذرهم.

ونُذر: جمع نذير بالمعنى المصدري كما تقدم في أوائل السورة وقد علمت بما ذكرنا أن جملة « فكيف كان عذابي ونذري» هذه ليست تكريراً لنظيرها السابق في خبر قوم نوح، ولا اللاحق في آخر قصة عاد للاختلاف الذي علمته بين مُفادها ومفاد مماثلتها وإن اتحدت ألفاظهما.

والبليغ يتفطن للتغاير بينهما فيصرفه عن توهم أن تكون هذه تكريراً فإنه لما لم يسبق وصف عذاب عاد لم يستقم أن يكون قوله: {فكيف كان عذابي} تعجيباً من حالة عذابهم.

وقوله: {ونذر} موعظة من تحقق وعيد الله إياهم...