معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ بِٱلۡقَارِعَةِ} (4)

{ كذبت ثمود وعاد بالقارعة } قال ابن عباس وقتادة : بالقيامة سميت قارعة لأنها تقرع قلوب العباد بالمخافة . وقيل : كذبت بالعذاب الذي أوعدهم نبيهم حتى نزل بهم فقرع قلوبهم .

   
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ بِٱلۡقَارِعَةِ} (4)

كذبت ثمود وعاد بالقارعة بالحالة التي تقرع فيها الناس بالإفزاع والأجرام بالانفطار والانتشار وإنما وضعت موضع ضمير الحاقة زيادة في وصف شدتها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَذَّبَتۡ ثَمُودُ وَعَادُۢ بِٱلۡقَارِعَةِ} (4)

إن جعلتَ قوله : { ومَا أدراك ما الحاقّة } [ الحاقة : 3 ] نهايةَ كلام فموقع قوله : { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } وما اتصل به استئناف ، وهو تذكير بما حل بثمود وعاد لتكذيبهم بالبعث والجزاء تعريضاً بالمشركين من أهل مكة بتهديدهم أن يحق عليهم مثل ما حل بثمود وعاد فإنهم سواء في التكذيب بالبعث وعلى هذا يكون قوله { الحاقّة } [ الحاقة : 1 ] الخ توطئة له وتمهيداً لهذه الموعظة العظيمة استرهاباً لنفوس السامعين .

وإن جعلتَ الكلام متصلاً بجملة { كذبت ثمود وعاد بالقارعة } وعيّنت لفظ { الحاقّة } [ الحاقة : 1 ] ليوم القيامة وكانت هذه الجملة خبراً ثالثاً عن { الحاقّة } [ الحاقة : 1 ] .

والمعنى : الحاقة كذبت بها ثمود وعاد ، فكان مقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير { الحاقّة } [ الحاقة : 1 ] فيقال : كذبت ثمودُ وعادٌ بها ، فعدل إلى إظهار اسم ( القارعة ) لأن ( القارعة ) مرادفةالحاقة في أحد محملي لفظ { الحاقة } [ الحاقة : 1 ] ، وهذا كالبيان للتهويل الذي في قوله : { وما أدراك ما الحاقّة } [ الحاقة : 3 ] .

و ( القارعة ) مراد منها ما أريد ب { الحاقّة } [ الحاقة : 1 ] .

وابتدىء بثمود وعاد في الذكر من بين الأمم المكذبة لأنهما أكثر الأمم المكذبة شهرة عند المشركين من أهل مكة لأنهما من الأمم العربية ولأن ديارهما مجاورة شمالاً وجنوباً .

والقارعة : اسم فاعل من قرعه ، إذا ضربه ضرباً قوياً ، يقال : قرع البعير . وقالوا : العبد يقرع بالعصا ، وسميت المواعظ التي تنكسر لها النفس قوارعَ لما فيها من زجر الناس عن أعمال . وفي المقامة الأولى « ويقْرَع الأسماعَ بزواجر وعِظه » ، ويقال للتوبيخ تقريع ، وفي المثل « لا تُقرع له العصا ولا يُقلقل له الحصا » ، ومورده في عامر بن الظرب العَدواني في قصة أشار إليها المتلمس في بيت .

ف ( القارعة ) هنا صفة لموصوف محذوف يقدر لفظه مؤنثاً ليوافق وصفَه المذكور نحو الساعة أو القيامة . القارعةِ : أي التي تصيب الناس بالأهوال والأفزاع ، أو التي تصيب الموجودات بالقَرع مثل دك الجبال ، وخسف الأرض ، وطَمس النجوم ، وكسوف الشمس كسوفاً لا انجلاء له ، فشبه ذلك بالقرع .

ووصف { الساعة } [ الأعراف : 187 ] أو { القيامة } [ البقرة : 85 ] بذلك مجاز عقلي من إسناد الوصف إلى غير ما هو له بتأوُّللٍ لملابسته ما هو له إذ هي زمان القرع قال تعالى : { القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث } [ القارعة : 14 ] . وهي ما سيأتي بيانها في قوله : { فإذا نفخ في الصور نفخةٌ واحدة } الآيات [ الحاقة : 13 ] .

وجيء في الخبر عن هاتين الأمتين بطريقة اللف والنشر لأنهما اجتمعتا في موجب العقوبة ثم فصل ذكر عذابهما .