معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ} (68)

قوله تعالى : { ثم إن مرجعهم } بعد شرب الحميم ، { لإلى الجحيم } وذلك أنهم يوردون الحميم لشربه وهو خارج من الجحيم كما يورد الإبل الماء ، ثم يردون إلى الجحيم ، دل عليه قوله تعالى : { يطوفون بينها وبين حميم آن } وقرأ ابن مسعود : ( ثم إن منقلبهم لإلى الجحيم ) .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ} (68)

وبعد هذه الوجبة يغادرون تلك المائدة عائدين إلى مقرهم المقيم . ويا له من نزل ! ويا له من معاد !

( ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) . .

بذلك يختم المشهد الفريد . وينتهي الشوط الأول من السورة . وكأنما كان قطعة من الواقع المشهود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ} (68)

وقوله : { ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإلَى الْجَحِيمِ } أي : ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج ، وجحيم تتوقد ، وسعير تتوهج ، فتارة في هذا وتارة في هذا ، كما قال تعالى : { يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ } [ الرحمن : 44 ] . هكذا تلا قتادة هذه الآية عند هذه الآية ، وهو تفسير حسن قوي .

وقال السدي في قراءة عبد الله : " ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم " وكان عبد الله يقول : والذي نفسي بيده لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار . ثم قرأ : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } [ الفرقان : 24 ] .

وروى الثوري ، عن ميسرة ، عن المنهال بن عمرو ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله قال : لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل هؤلاء ويقيل هؤلاء . قال سفيان : أراه ، ثم قرأ : { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلا } ، ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم " .

قلت : على هذا التفسير تكون " ثم " عاطفة لخبر على خبر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ} (68)

وقوله تعالى : { ثم إن مرجعهم } يحتمل أن يكون لهم انتقال أجساد في وقت الأكل والشرب ، ثم يرجعون إلى معظم الجحيم وكثرته ، ذكره الرماني وشبه بقوله تعالى :

{ يطوفون بينها وبين حميم آن }{[9868]} [ الرحمن : 44 ] ، ويحتمل أن يكون الرجوع إنما هو من حال ذلك الأكل المعذب إلى حال الاحتراق دون أكل ، وبكل احتمال قيل ، وفي مصحف ابن مسعود «وأن منقلهم لإلى الجحيم » ، وفي كتاب أبي حاتم عنه «مقيلهم » ، من القائلة .


[9868]:الآية(44) من سورة(الرحمن).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ثُمَّ إِنَّ مَرۡجِعَهُمۡ لَإِلَى ٱلۡجَحِيمِ} (68)

القول في عطف { ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم } كالقول في عطف { ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم .

والمرجع : مكان الرجوع ، أي المكان الذي يعود إليه الخارج منه بعد أن يفارقه . وقد يستعار للانتقال من حالة طارئة إلى حالة أصلية تشبيهاً بمغادرة المكان ثم العود إليه كقول عُمر بن الخطاب في كلامه مع هُنَيْىءٍ صاحب الحِمَى فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نَخْل وزرع ، يعني عثمان بن عفان وعبد الرحمان بنَ عوف ، فإنه إنما عَنى أنهما ينتقلان من الانتفاع بالماشية إلى الانتفاع بالنخل والزرع وكذلك ينبغي أن يفسر الرجوع في الآية لأن المشركين حين يطعمون من شجرة الزقوم ويشربون الحميم لم يفارقوا الجحيم فأريد التنبيه على أن عذاب الأكل من الزقوم والشراب من الحميم زيادةٌ على عذاب الجحيم ، ألاَ ترى إلى قوله : { إنها شجرة تخرجُ في أصلِ الجحيمِ } فليس ثمة مغادرة للجحيم حتى يكون الرجوع حقيقة ، مثله قول النبي صلى الله عليه وسلم حين رجوعه من إحدى مغازيه « رجعْنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر » يريد مجاهدة النفس فإنه لم يعْننِ أنهم حين اشتغالهم بالجهاد قد تركوا مجاهدة أنفسهم وإنما عنى أنهم كانوا في جهاد زائد فصاروا إلى الجهاد السابق .