{ ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ } أي مصيرهم { لَإِلَى الْجَحِيمِ } أي إلى دركاتها . أو إلى نفسها / لا مفر لهم منها ولا محيص كيفما تحولوا . قال ابن كثير : أي ثم إن مردهم بعد هذا الفصل لإلى نار تتأجج وسعير تتوهج . فتارة في هذا وتارة في هذا . كما قال تعالى : {[6362]} { يطوفون بينها وبين حميم آن } هكذا تلا قتادة هذه الآية عند هذه الآية . وهو تفسير حسن قوي . انتهى .
ومن لطائف الإشارات في هذه الآية ، ما قاله القاشانيّ . وعبارته : { إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم } وهي شجرة النفس الخبيثة المحجوبة النابتة في قعر جهنم الطبيعة المتشعبة أغصانها في دركاتها القبيحة الهائلة ثمراتها من الرذائل والخبائث كأنها من غاية القبح والتشوه والخبث بالتنفر { رؤوس الشياطين } أي تنشأ منها الدواعي المهلكة والنوازع المردية الباعثة على الأفعال القبيحة والأعمال السيئة . فتلك أصول الشيطنة ومبادئ الشر والمفسدة ، فكانت رؤوس الشياطين { فإنهم لآكلون منها } يستمدون منها ويتغذون ويتقوّون . فإن الأشرار غذاؤهم من الشرور ولا يلتذون إلا بها { فمالئون منها البطون } بالهيئات الفاسقة والصفات المظلمة ، كالممتلئ غضبا وحقدا وحسدا وقت هيجانها { ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم } الأهواء الطبيعية والمُنَى السيئة الرديئة ، ومحبات الأمور السفلية ، وقصور الشرور الموبقة ، التي تكسر بعض غلة الأشرار { ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم } لغلبة الحرص والشره ، بالشهوة والحقد والبغض والطمع وأمثالها . واستيلاء دواعيها مع امتناع حصول مباغيها . انتهى .
وهذه الإشارات من المجازات التي تتسع لها اللغة ، لأنها لا تنحصر في الحقيقة ، ولا يقال إنها المرادة هنا ، لنبوّها عن نظائرها من آيات الوعيد . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.