( وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين ) . .
وهي إشارة سريعة تلمس القصة لمسة واحدة بدون إيضاح . كأنما ليقال : واذكر قوم نوح . وقد وردت( قوم )منصوبة وبدون لفظ [ في ] بتقدير كلمة [ اذكر ] قبلها . وتلتها ( والسماء بنيناها . . )معطوفة عليها . . وهذه آية كونية ، وتلك آية تاريخية . يربطهما السياق معا ، ويربط بهما هذا القطاع بالقطاع الثالث في السورة . .
وقوله : وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إنّهُمْ كانُوا قَوْما فاسِقِينَ اختلفت القرّاء في قراءة قوله : وَقَوْم نُوح نصبا . ولنصب ذلك وجوه : أحدها : أن يكون القوم عطفا على الهاء والميم في قوله : فأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ إذ كان كلّ عذاب مهلك تسميه العرب صاعقة ، فيكون معنى الكلام حينئذٍ : فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح من قبل . والثاني : أن يكون منصوبا بمعنى الكلام ، إذ كان فيما مضى من أخبار الأمم قبلُ دلالة على المراد من الكلام ، وأن معناه : أهلكنا هذه الأمم ، وأهلكنا قوم نوح من قبل . والثالث : أن يضمر له فعلاً ناصبا ، فيكون معنى الكلام : واذكر لهم قوم نوح ، كما قال : وَإبْرَاهِيمَ إذْ قالَ لِقَوْمِهِ ونحو ذلك ، بمعنى أخبرهم واذكر لهم . وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة «وَقَوْمِ نُوحٍ » بخفض القوم على معنى : وفي قوم نوح عطفا بالقوم على موسى في قوله : وَفِي مُوسَى إذْ أرْسَلْناهُ إلى فِرْعَوْنَ .
والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب ، وتأويل ذلك في قراءة من قرأه خفضا وفي قوم نوح لهم أيضا عبرة ، إذ أهلكناهم من قبل ثمود لما كذّبوا رسولنا نوحا إنّهُمْ كانُوا قَوْما فاسِقِينَ يقول : إنهم كانوا مخالفين أمر الله ، خارجين عن طاعته .
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم : «وقوم نوح » بالنصب ، وهو عطف إما على الضمير في قوله : { فأخذتهم } [ الذاريات : 44 ] إذ هو بمنزلة أهلكناهم ، وإما على الضمير في قوله : { فنبذناهم } [ الذاريات : 40 ] ، وقرأ أبو عمرو فيما روى عنه عبد الوارث : «وقومُ نوح » بالرفع وذلك على الابتداء وإضمار الخبر وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي : «وقومِ » بالخفض عطفاً على ما تقدم من قوله : { وفي ثمود } [ الذاريات : 43 ] وقد روي النصب عن أبي عمرو .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.