معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّمَدۡيَنَ كَمَا بَعِدَتۡ ثَمُودُ} (95)

قوله تعالى : { كأن لم يغنوا } أي : كأن لم يقيموا ولم يكونوا { فيها ألا بعداً } ، هلاكاً ، { لمدين كما بعدت } ، هلكت { ثمود } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّمَدۡيَنَ كَمَا بَعِدَتۡ ثَمُودُ} (95)

84

خلت منهم الدور ، كأن لم يكن لهم فيها دور ، وكأن لم يعمروها حينا من الدهر . مضوا مثلهم مشيعين باللعنة ، طويت صفحتهم في الوجود وصفحتهم في القلوب :

( ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا ، وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، كأن لم يغنوا فيها . ألا بعدا لمدين ، كما بعدت ثمود . )

وطويت صفحة أخرى من الصفحات السود ، حق فيها الوعيد على من كذبوا بالوعيد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّمَدۡيَنَ كَمَا بَعِدَتۡ ثَمُودُ} (95)

القول في تأويل قوله تعالى : { كَأَن لّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } .

يقول تعالى ذكره : كأن لم يعش قوم شعيب الذين أهلكهم الله بعذابه ، حين أصبحوا جاثمين في ديارهم ، قبل ذلك . و{ لم يغنوا } ، من قولهم : غنيت بمكان كذا : إذا أقمت به ، ومنه قول النابغة :

غَنِيَتْ بذلكَ إذْ هُمُ لي جِيرَةٌ *** مِنْها بعَطْفِ رِسالَةٍ وتَوَدّدِ

وكما حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { كأنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها } ، قال : يقول : كأن لم يعيشوا فيها .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة مثله .

وقوله : { ألا بُعْدا لِمَدْيَنَ كمَا بَعِدَتْ ثُمودُ } ، يقول تعالى ذكره : ألا أبعد الله مدين من رحمته بإحلال نقمته ، { كما بعدت ثمود } ، يقول : كما بعدت من قبلهم ثمود من رحمته بإنزال سخطه بهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَأَن لَّمۡ يَغۡنَوۡاْ فِيهَآۗ أَلَا بُعۡدٗا لِّمَدۡيَنَ كَمَا بَعِدَتۡ ثَمُودُ} (95)

أما قوله : { كما بَعدت ثمود } فهو تشبيه البعد الذي هو انقراض مدين بانقراض ثمود . ووجه الشبه التّماثل في سبب عقابهم بالاستئصال ، وهو عذاب الصيحة ، ويجوز أن يكون المقصود من التّشبيه الاستطراد بذمّ ثمود لأنهم كانوا أشدّ جرأة في مناواة رسل الله ، فلمّا تهيأ المقام لاختتام الكلام في قصص الأمم البائدة ناسب أن يعاد ذكر أشدّها كفراً وعناداً فَشُبّهَ هلك مدين بهلكهم .

والاستطراد فَنّ من البديع . ومنه قول حسّان في الاستطراد بالهجاء بالحارث أخي أبي جهل :

إن كنت كاذبة الذي حدثتني *** فنجوت منجَى الحارث بن هشام

ترك الأحبّة أن يقاتل دُونهم *** ونَجا برأس طمرّة ولجــــام