قوله : { كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } العامَّةُ : على كسر العين من " بَعِدَ يَبْعَد " بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع بمعنى هلك ؛ قال : [ الطويل ]
يقُولُون لا تَبعَدوَهُم يَدْفنُونهُ *** ولا بُعْدَ إلاَّ ما تُواري الصَّفَائِحُ{[18965]}
أرادت العربُ أن تفرقَ بين المعنيين بتغيير فقالوا : " بَعْد " بالضمِّ ضد القرب ، و " بَعِد " بالكسر ضد السَّلامة ، والمصدرُ البَعَدُ بالفتح في العين .
وقرأ السُّلمي وأبو حيوة " بَعْدت " {[18966]} بالضم أخذه من ضدِّ القرب ؛ لأنَّهُم إذا هلكوا فقد بعدوا ، ومن هذا قولُ الشَّاعر : [ الكامل ]
مَنْ كَانَ بَيْنَكَ في التُّرابِ وبَيْنَهُ *** شِبْرانِ فهُوَ بغايةِ البُعْدِ{[18967]}
وقال النَّحَّاسُ{[18968]} : المعروفُ في اللغةِ : بَعِدَ يَبْعَد بَعَداً وبُعْداً ، وإذا هلك ، وبَعْد يَبْعُدُ في ضدِّ القُرْب .
وقال ابنُ قتيبة : بَعِدَ يَبْعد إذا كان بعده هلكة ، وبَعُد يَبعُد إذا نأى فهو موافقٌ للنحاس .
وقال المهدوي : " بَعُد " يستعمل في الخَيْرِ والشّر ، و " بَعِد " في الشرِّ خاصة .
وقال ابنُ الأنباري : مِنَ العرب مَنْ يُسَوِّي بين الهلاكِ والبُعْدِ والذي هو ضدُّ القرب ، فيقولُ فيهما : بَعُدَ يَبْعدُ ، وبَعِدَ يَبْعَدُ ؛ وأنشدوا قول مالكٍ : [ الطويل ]
يقُولُونَ لا تَبْعَدْ وهُمْ يَدْفِنُونِني *** وأيْنَ مَكَانَ البُعْدِ إلاَّ مَكَانِيَا{[18969]}
قيل : يروى " لا تَبْعُدْ " بالوجهين .
وفي هذه الآية نوعٌ من علم البيان يسمَّى الاستطراد ، وهو أن تمدحَ شيئاً أوتذُمَّه ، ثم تأتي آخر الكلام بشيءٍ هو غرضكَ في أوَّلِه ، قالوا : ولم يَأتِ في القرآن غيره ، وأنشدوا في ذلك قول حسان : [ الكامل ]
إنْ كُنْتِ كاذِبَة الذي حَدَّثْتِنِي *** فَنَجَوْتِ مَنْجى الحَارِثِ بن هشام
تَرَك الأحِبَّةَ أن يَقاتِلَ دونَهُمْ *** ونَجَا بِرَأسِ طِمِرَّة ولِجَامِ{[18970]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.