في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَنَظَرَ نَظۡرَةٗ فِي ٱلنُّجُومِ} (88)

69

ويسقط السياق هنا ردهم عليه ، وحوارهم معه ؛ ويمضي مباشرة في المشهد التالي إلى عزيمته التي قررها في نفسه تجاه هذا الإفك المكشوف :

فنظر نظرة في النجوم . فقال : إني سقيم . فتولوا عنه مدبرين . فراغ إلى آلهتهم فقال : ألا تأكلون ? مالكم لا تنطقون ? فراغ عليهم ضرباً باليمين . .

ويروى أنه كان للقوم عيد - ربما كان هو عيد النيروز - يخرجون فيه إلى الحدائق والخلوات ، بعد أن يضعوا الثمار بين يدي آلهتهم لتباركها . ثم يعودون بعد الفسحة والمرح فيأخذون طعامهم المبارك ! وأن إبراهيم - عليه السلام - بعد أن يئس من استجابتهم له ؛ وأيقن بانحراف فطرتهم الانحراف الذي لا صلاح له ، اعتزم أمراً . وانتظر هذا اليوم الذي يبعدون فيه عن المعابد والأصنام لينفذ ما اعتزم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَنَظَرَ نَظۡرَةٗ فِي ٱلنُّجُومِ} (88)

وقوله : فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنّي سَقِيمٌ ذكر أن قومه كانوا أهل تنجيم ، فرأى نجما قد طلع ، فعصب رأسه وقال : إني مَطْعُون ، وكان قومه يهربُون من الطاعون ، فأراد أن يتركوه في بيت آلهتهم ، ويخرجوا عنه ، ليخالفهم إليها فيكسرها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنّي سَقِيمٌ قال : قالوا له وهو في بيت آلهتهم : اخرج ، فقال : إني مَطْعون ، فتركوه مخافة الطاعون .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَيّة ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنّي سَقِيمٌ رأى نجما طَلَع .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، أنه رأى نجما طلع فقال إنّى سَقِيمٌ قال : كايَد نبيّ الله عن دينه ، فقال : إني سقيم .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنّي سَقِيمٌ قالوا لأبراهيم وهو في بيت آلهتهم : اخرج معنا ، فقال لهم : إني مطعون ، فتركوه مخافة أن يعديهم .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، عن أبيه ، في قول الله : فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُومِ فَقالَ إنّي سَقِيمٌ قال : أَرسلَ إليه ملكهم ، فقال : إن غَدا عيدنا ، فاحضر معنا ، قال : فنظر إلى نجم فقال : إن ذلك النجم لم يطلع قط إلا طلع بسقم لي ، فقال : إنّي سَقِيمٌ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النّجُوم فَقالَ إنّي سَقِيمٌ يقول الله : فَتَوَلّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَنَظَرَ نَظۡرَةٗ فِي ٱلنُّجُومِ} (88)

مفرع على جملة { إذ قال لأبيه وقومه } [ الصافات : 85 ] تفريع قصص بعطف بعضها على بعض .

والمقصود من هذه الجمل المتعاطفة بالفاءات هو الإِفضاء إلى قوله { فَراغَ إلى آلهتهم } وأما ما قبلها فتمهيد لها وبيان كيفية تمكنه من أصنامهم وكسرها ليظهر لعبدتها عجزها .

وقال ابن كثير في « تفسيره » « قال قتادة : والعرب تقول لمن تفكر : نظر في النجوم ، يعني قتادة : أنه نظر إلى السماء متفكراً فيما يُلهيهم به » ا ه . وفي « تفسير القرطبي » عن الخليل والمبرد : يقال للرجل إذا فكر في شيء يدبره : نظر في النجوم ، أي أنه نظر في النجوم ، مما جرى مجرى المثل في التعبير عن التفكير لأن المتفكر يرفع بصره إلى السماء لئلا يشتغل بالمرئيات فيخلو بفكره للتدبر فلا يكون المراد أنه نظر في النجوم وهي طالعة ليلاً بل المراد أنه نظر للسماء التي هي قرار النجوم وذكر النجوم جرى على المعروف من كلامهم .

وجنح الحسن إلى تأويل معنى النجوم بالمصدر أنه نظر فيما نجم له من الرأي ، يعني أن النجوم مصدر نجَم بمعنى ظهر .

وعن ثعلب : نظر هنا تفكر فيما نجم من كلامهم لما سألوه أن يخرج معهم إلى عيدهم ليدبر حجة .