معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱشۡتَرَوۡاْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلٗا فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (9)

{ اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً } . وذلك أنهم نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكلة أطعمهم إياها أبو سفيان ، قال مجاهد : أطعم أبو سفيان حلفاءه .

قوله تعالى : { فصدوا عن سبيله } . فمنعوا الناس من الدخول في دين الله . وقال ابن عباس رضي الله عنه : وذلك إن أهل الطائف أمدوهم بالأموال سيقووهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { إنهم ساء } . بئس { ما كانوا يعملون } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱشۡتَرَوۡاْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلٗا فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (9)

( اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

وهذا هو السبب الأصيل لهذا الحقد الدفين عليكم ، وإضمار عدم الوفاء بعهودكم ، والانطلاق في التنكيل بكم - لو قدروا - من كل تحرج ومن كل تذمم . . إنه الفسوق عن دين الله ، والخروج عن هداه ، فلقد آثروا على آيات الله التي جاءتهم ثمنا قليلا من عرض هذه الحياة الدنيا يستمسكون به ويخافون فوته . وقد كانوا يخافون أن يضيع عليهم الإسلام شيئا من مصالحهم ؛ أو أن يكلفهم شيئا من أموالهم ! فصدوا عن سبيل الله بسبب شرائهم هذا الثمن القليل بآيات الله . صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم [ فسيجيء أنهم أئمة الكفر ] . . أما فعلهم هذا فهو الفعل السيء الذي يقرر الله سوءه الأصيل :

( إنهم ساء ما كانوا يعملون ! ) . .

ثم إنهم لا يضمرون هذا الحقد لأشخاصكم ؛ ولا يتبعون تلك الخطة المنكرة معكم بذواتكم . . إنهم يضطغنون الحقد لكل مؤمن ؛ ويتبعون هذا المنكر مع كل مسلم . . إنهم يوجهون حقدهم وانتقامهم لهذه الصفة التي أنتم عليها . . للإيمان ذاته . . كما هو المعهود في كل أعداء الصفوة الخالصة من أهل هذا الدين ، على مدار التاريخ والقرون . . فكذلك قال السحرة لفرعون وهو يتوعدهم بأشد أنواع التعذيب والتنكيل والتقتيل : ( وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ) . . وكذلك قال رسول الله [ ص ] لأهل الكتاب بتوجيه من ربه : ( قل : يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله ? )وقال سبحانه عن أصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنين : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) . فالإيمان هو سبب النقمة ، ومن ثم هم يضطغنون الحقد لكل مؤمن ، ولا يراعون فيه عهدا ولا يتذممون من منكر :