اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱشۡتَرَوۡاْ بِـَٔايَٰتِ ٱللَّهِ ثَمَنٗا قَلِيلٗا فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِۦٓۚ إِنَّهُمۡ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (9)

قوله { اشتروا بِآيَاتِ الله ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .

قال مجاهدٌ " أطعم أبو سفيان حلفاءه ، وترك حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فنقضوا العهد الذي كان بينهم بسبب تلك الأكلة " {[17620]} . وقال ابنُ عبَّاسٍ : " إنَّ أهل الطائف أمدوهم بالأموال ليقووهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم " {[17621]} .

وقيل : لا يبعدُ أن تكون طائفة من اليهود ، أعانوا المشركين على نقض العهود ، فكان المراد من هذه الآية ، ذم أولئك اليهود ، وهذا اللفظُ في القرآن ، كالأمر المختص باليهود ، ويتأكد هذا بأنَّ الله تعالى أعاد قوله : { لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً } ولو كان المراد منه المشركين ، لكان هذا تكراراً محضاً ، وإذا حمل على اليهود لم يكن تكراراً ، فكان أوْلَى .

ثم قال : " إِنَّهُمْ سَآءَ " أي : بئس " مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " .

قال أبُو حيَّان{[17622]} : يجوزُ أن تكون على بابها من التَّصرُّف والتعدِّي ، ومفعولها محذوفٌ ، أي : ساءهم الذي كانُوا يعملُونه ، أو عملُهم ، وأن تكون الجارية مَجْرى " بِئْسَ " فتُحَوَّل إلى " فَعُل " بالضمِّ ، ويمتنع تصرُّفها ، وتصيرُ للذَّم ، ويكون المخصوص بالذم محذوفاً ، كما تقرَّر مراراً .


[17620]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (6/327) وذكره البغوي في "تفسيره" (2/271).
[17621]:ذكره البغوي في "تفسيره" (2/271).
[17622]:ينظر: البحر المحيط 5/16.