معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدۡ كَذَّبَ أُمَمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡۖ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (18)

قوله تعالى : { وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم } مثل عاد وثمود وغيرهم فأهلكوا . { وما على الرسول إلا البلاغ المبين }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدۡ كَذَّبَ أُمَمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡۖ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (18)

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدۡ كَذَّبَ أُمَمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡۖ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (18)

يجوز أن تكون هذه الجملة من بقية مقالة إبراهيم عليه السلام بأن يكون رأى منهم مخائل التكذيب ففرض وقوعه ، أو يكون سبق تكذيبهم إياه مقالته هذه ، فيكون الغرض من هذه الجملة لازم الخبر وهو أن تكذيبهم إياه ليس بعجيب فلا يضيره ولا يحسبوا أنهم يضيرونه به ويتشفون منه فإن ذلك قد انتاب الرسل قبله من أممهم ، ولذلك أجمع القراء على قراءة فعل { تكذّبوا } بتاء الخطاب ولم يختلفوا فيه اختلافهم في قراءة قوله { أو لم يروا كيف يُبدىء الله الخلق } [ العنكبوت : 19 ] الخ .

ويجوز أن تكون الجملة معترضة والواو اعتراضية واعترض هذا الكلام بين كلام إبراهيم وجواب قومه ، فهو كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المشركين التفت به من الغيبة إلى الخطاب تسجيلاً عليهم ، والمقصود منه بيان فائدة سوق قصة نوح وإبراهيم وأن للرسول صلى الله عليه وسلم إسوة برسل الأمم الذين قبله وخاصة إبراهيم جدّ العرب المقصودين بالخطاب على هذا الوجه .

وجملة { وما على الرسول إلا البلاغ المبين } إعلام للمخاطبين بأن تكذيبهم لا يلحقه منه ما فيه تشف منه ؛ فإن كان من كلام إبراهيم فالمراد بالرسول إبراهيم سلك مسلك الإظهار في مقام الإضمار لإيذان عنوان الرسول بأن واجبه إبلاغ ما أرسل به بيّناً واضحاً ، وإن كان من خطاب الله مشركي قريش فالمراد بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقد غلب عليه هذا الوصف في القرآن مع الإيذان بأن عنوان الرسالة لا يقتضي إلا التبليغ الواضح .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِن تُكَذِّبُواْ فَقَدۡ كَذَّبَ أُمَمٞ مِّن قَبۡلِكُمۡۖ وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (18)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وإن تكذبوا}، يعني: كفار مكة يكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم بالعذاب وبالبعث، {فقد كذب أمم من قبلكم}، يعني من قبل كفار مكة كذبوا رسلهم بالعذاب، {وما على الرسول إلا البلاغ المبين} يقول: وما على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يبين لكم أمر العذاب.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وإن تكذّبوا أيها الناس رسولنا محمدا صلى الله عليه وسلم فيما دعاكم إليه من عبادة ربكم الذي خلقكم ورزقكم، والبراءة من الأوثان، فقد كَذّبت جماعات من قبلكم رسلَها فيما دعتهم إليه الرسل من الحقّ، فحلّ بها من الله سخطه، ونزل بها منه عاجل عقوبته، فسبيلكم سبيلها فيما هو نازل بكم بتكذيبكم إياه. "وَما على الرّسُولِ إلاّ البَلاغُ المُبِينُ "يقول: وما على محمد إلاّ أن يبلّغكمَ رسالته، ويؤدّي إليكم ما أَمره بأدائه إليكم ربّه. ويعني بالبلاغ المبين: يُبِين لمن سمعه ما يراد به، ويفهم به ما يعني به.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

"وما على الرسول إلا البلاغ المبين" يعني: إلا أن يوصل إليهم ويؤدي إليهم ما أمر به لكونه بيانا ظاهرا يمكنهم معرفته وفهمه، وليس عليه حملهم على الإيمان.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

وإن تكذبونني فلا تضرونني بتكذيبكم، فإنّ الرسل قبلي قد كذبتهم أممهم، وما ضرّوهم وإنما ضروا أنفسهم، حيث حلّ بهم ما حل بسبب تكذيب الرسل: وأما الرسول فقد تم أمره حين بلغ البلاغ المبين الذي زال معه الشكّ، وهو اقترانه بآيات الله ومعجزاته. أو: وإن كنت مكذباً فيما بينكم فلي في سائر الأنبياء أسوة وسلوة حيث كذبوا، وعلى الرسول أن يبلغ وما عليه أن يصدق ولا يكذب، وهذه الآية والآيات التي بعدها إلى قوله: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ} محتملة أن تكون من جملة قول إبراهيم صلوات الله عليه لقومه، وأن تكون آيات وقعت معترضة في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وشأن قريش بين أوّل قصة إبراهيم وآخرها.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما فرغ من بيان التوحيد، أتى بعده بالتهديد فقال: {وإن تكذبوا}... خطاب مع قوم محمد عليه السلام ووجهه أن الحكايات أكثرها إنما تكون لمقاصد لكنها تنسى لطيب الحكاية ولهذا كثيرا ما يقول الحاكي لأي شيء حكيت هذه الحكاية فالنبي عليه السلام كان مقصوده تذكير قومه بحال من مضى حتى يمتنعوا من التكذيب ويرتدعوا خوفا من التعذيب...

[و] الآية تدل على أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز لأن الرسول إذا بلغ شيئا ولم يبينه فإنه لم يأت بالبلاغ المبين، فلا يكون آتيا بما عليه.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما كان التقدير: فإن تصدقوا فهو حظكم في الدنيا والآخرة، عطف عليه قوله: {وإن تكذبوا} والذي دلنا على هذا المحذوف هذه الواو العاطفة على غير معطوف معروف {فقد} أي فيكفيكم في الوعظ والتهديد معرفتكم بأنه {كذب أمم} في الأزمان الكائنة {من قبلكم} كثيرة، كعاد وثمود وقوم نوح وغيرهم، فجرى الأمر فيهم على سنن واحد لم يختلف قط في نجاة المطيع للرسول وهلاك العاصي له، ولم يضر ذلك الرسول شيئا وما ضروا به إلا أنفسهم {وما على الرسول} أن يقهركم على التصديق، بل ما عليه {إلا البلاغ المبين} الموضح مع -ظهوره في نفسه- للأمر بحيث لا يبقى فيه شك، بإظهار المعجزة وإقامة الأدلة على الوحدانية.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

يجوز أن تكون هذه الجملة من بقية مقالة إبراهيم عليه السلام بأن يكون رأى منهم مخائل التكذيب ففرض وقوعه، أو يكون سبق تكذيبهم إياه مقالته هذه، فيكون الغرض من هذه الجملة لازم الخبر وهو أن تكذيبهم إياه ليس بعجيب فلا يضيره ولا يحسبوا أنهم يضيرونه به ويتشفون منه فإن ذلك قد انتاب الرسل قبله من أممهم، ولذلك أجمع القراء على قراءة فعل {تكذّبوا} بتاء الخطاب ولم يختلفوا فيه اختلافهم في قراءة قوله {أو لم يروا كيف يُبدئ الله الخلق} [العنكبوت: 19] الخ.

ويجوز أن تكون الجملة معترضة والواو اعتراضية واعترض هذا الكلام بين كلام إبراهيم وجواب قومه، فهو كلام موجه من جانب الله تعالى إلى المشركين التفت به من الغيبة إلى الخطاب تسجيلاً عليهم، والمقصود منه بيان فائدة سوق قصة نوح وإبراهيم وأن للرسول صلى الله عليه وسلم إسوة برسل الأمم الذين قبله وخاصة إبراهيم جدّ العرب المقصودين بالخطاب على هذا الوجه.

وجملة {وما على الرسول إلا البلاغ المبين} إعلام للمخاطبين بأن تكذيبهم لا يلحقه منه ما فيه تشف منه؛ فإن كان من كلام إبراهيم فالمراد بالرسول إبراهيم سلك مسلك الإظهار في مقام الإضمار لإيذان عنوان الرسول بأن واجبه إبلاغ ما أرسل به بيّناً واضحاً، وإن كان من خطاب الله مشركي قريش فالمراد بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وقد غلب عليه هذا الوصف في القرآن مع الإيذان بأن عنوان الرسالة لا يقتضي إلا التبليغ الواضح.