معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّهُۥ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَأَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (6)

قوله تعالى : { ذلك بأن الله هو الحق } أي : لتعلموا أن الله هو الحق { وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير* وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور* } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّهُۥ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَأَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (6)

{ ذَلِكَ } الذي أنشأ الآدمي من ما وصف لكم ، وأحيا الأرض بعد موتها ، { بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ } أي : الرب المعبود ، الذي لا تنبغي العبادة إلا له ، وعبادته هي الحق ، وعبادة غيره باطلة ، { وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى } كما ابتدأ الخلق ، وكما أحيا الأرض بعد موتها ، { وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } كما أشهدكم من بديع قدرته وعظيم صنعته ما أشهدكم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّهُۥ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَأَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (6)

{ ذلك } إشارة إلى ما ذكر من خلق الإنسان في أطوار مختلفة وتحويله على أحوال متضادة ، وإحياء الأرض بعد موتها وهو مبتدأ خبره : { بأن الله هو الحق } أي بسبب أنه الثابت في نفسه الذي به تتحقق الأشياء . { وأنه يحي الموتى } وأنه يقدر على إحيائها وإلا لما أحيا النطفة والأرض الميتة . { وأنه على كل شيء قدير } لأن قدرته لذاته الذي نسبته إلى الكل على سواء ، فلما دلت المشاهدة على قدرته على إحياء بعض الأموات لزم اقتداره على إحياء كلها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّهُۥ يُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَأَنَّهُۥ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ} (6)

فذلكة لما تقدم ، فالجملة تذييل .

والإشارة ب { ذلك } إلى ما تقدم من أطوار خلق الإنسان وفنائه ، ومن إحياء الأرض بعد موتها وانبثاق النبت منها .

وإفراد حرف الخطاب المقترن باسم الإشارة لإرادة مخاطب غير معيّن على نسق قوله { وترى الأرض هامدة } [ الحج : 5 ] على أن اتصال اسم الإشارة بكاف خطاب الواحد هو الأصل .

والمجرور خبر عن اسم الإشارة ، أي ذلك حصل بسبب أن الله هو الحق الخ . . . والباء للسببية فالمعنى : تَكوّن ذلك الخلق من تراب وتطَور ، وتكوّن إنزال الماء على الأرض الهامدة والنبات البهيج بسبب أنّ الله هو الإله الحق دون غيره . ويجوز أن تكون الباء للملابسة ، أي كان ذلك الخلق وذلك الإنبات البهيج ملابساً لحقيّة إلهيّة الله . وهذه الملابسة ملابسة الدليل لمدلوله ، وهذا أرشق من حمل الباء على معنى السببية وهو أجمع لوجوه الاستدلال .

والحق : الثابت الذي لا مراء فيه ، أي هو الموجود . والقصر إضافي ، أي دون غيره من معبوداتكم فإنها لا وجود لها ، قال تعالى : { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } [ الحج : 23 ] وهذا الاستدلال هو أصل بقية الأدلة لأنه نقضٌ للشرك الذي هو الأصل لجميع ضلالات أهله كما قال تعالى : { إنما النسيء زيادة في الكفر } [ التوبة : 37 ] .

وأما بقية الأمور المذكورة بعد قوله { ذلك بأن الله هو الحق } ، فهي لبيان إمكان البعث .

ووجه كون هذه الأمور الخمسة المعدودة في هذه الآية ملابسة لأحوال خلق الإنسان وأحوال إحياء الأرض أن تلك الأحوال دالة على هذه الأمور الخمسة : إما بدلالة المسبب على السبب بالنسبة إلى وجود الله وإلى ثبوت قدرته على كل شيء ، وإما بدلالة التمثيل على الممثَّل والواقععِ على إمكان نظيره الذي لم يقع بالنسبة إلى إحياء الله الموتى ، ومجيء الساعة ، والبعثثِ . وإذا تبين إمكان ذلك حق التصديق بوقوعه لأنهم لم يكن بينهم وبين التصديق به حائل إلا ظنهم استحالته ، فالذي قدر على خلق الإنسان عن عدم سابق قادر على إعادته بعد اضمحلاله الطارىء على وجوده الأحْرَى ، بطريقة .

والذي خلق الأحياء بعد أن لم تكن فيها حياةٌ يمكنه فعل الحياة فيها أو في بقيّة آثارها أو خلق أجسام مماثلة لها وإيداع أرواحها فيها بالأولى . وإذا كان كذلك علم أن ساعة فناء هذا العالم واقعة قياساً على انعدام المخلوقات بعد تكوينها ، وعُلم أن الله يعيدها قياساً على إيجاد النسل وانعدام أصله الحاصل للمشركين في وقوع الساعة منزّل منزلة العدم لانتفاء استناده إلى دليل .

وصيغة نفي الجنس على سبيل التنصيص صيغة تأكيد ، لأن ( لاَ ) النافية للجنس في مقام النفي بمنزلة ( إنّ ) في مقام الإثبات ولذلك حملت عليها في العمل .