معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يُنَبَّؤُاْ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۭ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (13)

{ ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } قال ابن مسعود وابن عباس : { بما قدم } قبل الموت من عمل صالح وسيئ ، وما أخر : بعد موته من سنة حسنة أو سيئة يعمل بها . وقال عطية عن ابن عباس : { بما قدم } من المعصية { وأخر } من الطاعة . وقال قتادة : بما قدم من طاعة الله ، وأخر من حق الله فضيعه . وقال مجاهد : بأول عمله وآخره . وقال عطاء : بما قدم في أول عمره وما أخر في آخر عمره . وقال زيد بن أسلم : بما قدم من أمواله لنفسه وما أخر خلفه للورثة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُنَبَّؤُاْ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۭ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (13)

{ يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } أي : بجميع عمله الحسن والسيء ، في أول وقته وآخره ، وينبأ بخبر لا ينكره .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يُنَبَّؤُاْ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۭ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (13)

ثم قال تعالى : { يُنَبَّأُ الإنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } أي : يخبر بجميع أعماله قديمها وحديثها ، أولها وآخرها ، صغيرها وكبيرها ، كما قال تعالى : { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا } [ الكهف : 49 ] وهكذا قال هاهنا : { بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ }

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يُنَبَّؤُاْ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۭ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (13)

وجملة { يُنَبَّأ الإِنسانُ يومئذٍ بما قدّم وأخَّر } مستأنفة استئنافاً بيانياً أثارهُ قوله : { إلى ربك يومئذٍ المستقر } ، أو بدل اشتمال من مضمون تلك الجملة ، أي إلى الله مصيرهم وفي مصيرهم يُنبأون بما قدموا وما أخروا .

وينبغي أن يكون المراد ب { الإِنسان } الكافر جرياً على سياق الآيات السابقة لأنه المقصود بالكلام وإن كان كل إنسان ينبأ يومئذٍ بما قدم وأخر من أهل الخير ومن أهل الشر قال تعالى : { يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء } الآية [ آل عمران : 30 ] . واختلاف مقامات الكلام يمنع من حمل ما يقع فيها من الألفاظ على محمل واحد ، فإن في القرآن فنوناً من التذكير لا تلزم طريقة واحدة . وهذا مما يغفل عن مراعاته بعض المفسرين في حملهم معاني الآيات المتقاربة المغزى على محامل متماثلة .

وتنبئةُ الإِنسان بما قدّم وأخرّ كناية عن مجازاته على ما فعله : إن خيراً فخيرٌ وإن سُوءاً فسوءٌ ، إذ يقال له : هذا جزاء الفعلة الفلانية فيعلم من ذلك فعلَته ويلقَى جزاءها ، فكانَ الإِنباء من لوازم الجزاء قال تعالى : { قل بلى وربي لَتُبْعَثُنّ ثم لَتُنَبَّؤنَّ بما عَمِلتم } [ التغابن : 7 ] ويحصل في ذلك الإِنباء تقريع وفضح لحاله .

والمراد ب { ما قدم } : ما فَعَله وب { ما أخرّ } : ما تركه مما أُمر بفعله أو نهي عن فعله في الحالين فخالف ما كُلف به ومما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء : « فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت » .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يُنَبَّؤُاْ ٱلۡإِنسَٰنُ يَوۡمَئِذِۭ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ} (13)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم} لآخرته، ثم قال: {و} ما {وأخر} من خير أو شر بعد موته في دنياه، فاستن بها قوم بعده.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: يُخْبَر الإنسان يومئذٍ، يعني يوم يَجْمَع الشمس والقمر فيكوّران بما قدّم وأخّر. واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"بِمَا قَدّمَ وأخّرَ "؛

فقال بعضهم: معنى ذلك: بما قدّم من عمل خير، أو شرّ أمامه، مما عمله في الدنيا قبل مماته، وما أخّر بعد مماته من سيئة وحسنة، أو سيئة يعمل بها من بعده.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: يُنَبأُ الإنسان بما قدم من المعصية، وأخر من الطاعة... وقال آخرون: بل معنى ذلك: ينبأ بأوّل عمله وآخره.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بِما قَدّمَ من طاعة وأخّرَ من حقوق الله التي ضيّعها.

والصواب من القول في ذلك عندنا، أن ذلك خبر من الله أن الإنسان ينبأ بكلّ ما قدّم أمامه مما عمل من خير أو شرّ في حياته، وأخّر بعده من سنة حسنة أو سيئة مما قدّم وأخّر، كذلك ما قدّم من عمل عمله من خير أو شرّ، وأخّر بعده من عمل كان عليه فضيّعه، فلم يعمله مما قدّم وأخّر، ولم يخصص الله من ذلك بعضا دون بعض، فكلّ ذلك مما ينبأ به الإنسان يوم القيامة.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ينبأ من أول ما عمل إلى آخر ما انتهى إليه عمله كقوله: {لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها} [الكهف: 49].

وقال بعضهم: بما أعلن، وستر.

وقد ذكرنا أنه باللطف من الله تعالى ما لم يعلم بالذي قدّم من الأعمال، وأخرها، فيتذكر بذلك حتى يصير ما كتب في الكتاب حجة عليه، وإلا فالمرء في هذه الدنيا إذا كتب كتابا، ثم أتت عليه مدة، لم يتذكر جميع ما كتب فيه، ولا وقف على علم ذلك.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

...ما قدم لدنياه، وما أخر لعقباه.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

النبأ: الخبر بما يعظم شأنه.

جهود ابن عبد البر في التفسير 463 هـ :

عند الموت يعلم ما له من خير وشر. (س: 8/364)

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

أي: يَعْرِف ما أسْلَفَه من ذنوب أحصاها اللَّهُ -وإن كان العبدُ نسيَها.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وما كان يرغب فيه الإنسان من المضي في الفجور بلا حساب ولا جزاء، لن يكون يومئذ، بل سيكون كل ما كسبه محسوبا، وسيذكر به إن كان نسيه، ويؤخذ به بعد أن يذكره ويراه حاضرا:

(ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر)..

بما قدمه من عمل قبل وفاته، وبما أخره وراءه من آثار هذا العمل خيرا كان أم شرا. فمن الأعمال ما يخلف وراءه أثارا تضاعف لصاحبها في ختام الحساب!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وينبغي أن يكون المراد ب {الإِنسان} الكافر جرياً على سياق الآيات السابقة لأنه المقصود بالكلام وإن كان كل إنسان ينبأ يومئذٍ بما قدم وأخر من أهل الخير ومن أهل الشر قال تعالى: {يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء} الآية [آل عمران: 30]. واختلاف مقامات الكلام يمنع من حمل ما يقع فيها من الألفاظ على محمل واحد، فإن في القرآن فنوناً من التذكير لا تلزم طريقة واحدة. وهذا مما يغفل عن مراعاته بعض المفسرين في حملهم معاني الآيات المتقاربة المغزى على محامل متماثلة.

وتنبئةُ الإِنسان بما قدّم وأخرّ كناية عن مجازاته على ما فعله: إن خيراً فخيرٌ وإن سُوءاً فسوءٌ، إذ يقال له: هذا جزاء الفعلة الفلانية فيعلم من ذلك فعلَته ويلقَى جزاءها، فكانَ الإِنباء من لوازم الجزاء، قال تعالى: {قل بلى وربي لَتُبْعَثُنّ ثم لَتُنَبَّؤنَّ بما عَمِلتم} [التغابن: 7] ويحصل في ذلك الإِنباء تقريع وفضح لحاله.

والمراد ب {ما قدم}: ما فَعَله وب {ما أخرّ}: ما تركه مما أُمر بفعله أو نهي عن فعله في الحالين فخالف ما كُلف به ومما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم من الدعاء: « فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت».