قال مالك ، عن زيد بن أسلم : خمر جارية بيضاء ، أي : لونها مشرق حسن بهى لا كخمر الدنيا في منظرها البشع الرديء ، من حمرة أو سواد أو أصفرار أو كدورة ، {[24957]} إلى غير ذلك مما ينفر الطبع السليم .
وقوله عز وجل : { لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ } أي طعمها طيب كلونها ، وطيب الطعم دليل على طيب الريح ، بخلاف خمر الدنيا في جميع ذلك .
وقوله { بيضاء } يحتمل أن يعود على الكأس ويحتمل أن يعود على الخمر وهو الأظهر ، وقال الحسن بن أبي الحسن : خمر الجنة أشد بياضاً من اللبن ، وفي قراءة عبد الله بن مسعود » صفراء «فهذا موصوف به الخمر وحدها ، وقوله تعالى { لذة } أي ذات لذة فوصفها بالمصدر اتساعاً ، وقد استعمل هذا حتى قيل لذ بمعنى لذيذ ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]
بحديثك اللذ الذي لو كلّمت . . . أسد الفلاة به أتين سراعا{[9847]}
و{ بَيْضَاءَ } صفة ل« كأس » . وإذ قد أريد بالكأس الخمر الذي فيها كان وصف { بَيْضَاءَ } للخمر . وإنما جرى تأنيث الوصف تبعاً للتعبير عن الخمر بكلمة كأس ، على أن اسم الخمر يذكر ويؤنث وتأنيثها أكثر . روى مالك عن زيد بن أسلم : لونها مشرق حسن فهي لا كخمر الدنيا في منظرها الرديء من حُمرة أو سواد .
واللذة : اسم معناه إدراك ملائم نفس المدرك ، يقال : لذّهُ ولذّ به ، والمصدر : اللذة واللذاذة . وفعله من باب فرح ، تقول : لذذت بالشيء ويقال : شيء لَذٌّ ، أي لذيذ فهو وصف بالمصدر فإذا جاء بهاء التأنيث كما في هذه الآية فهو الاسم لا محالة لأن المصدر الوصف لا يؤنث بتأنيث موصوفه ، يقال : امرأة عدل ولا يقال : امرأة عدلة . ووصف الكأس بها كالوصف بالمصدر يفيد المبالغة في تمكن الوصف ، فقوله تعالى : { لَذَّةٍ } هو أقصى مما يؤدي شدة الالتذاذ بكلمة واحدة ، لأنه عُدل به عن الوصف الأصلي لقصد المبالغة ، وعُدل عن المصدر إلى الاسم لما في المصدر من معنى الاشتقاق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.