وقوله : { بَيْضَاء لَذَّةٍ للشاربين } صفتان لكأس . قال الزجاج : أي ذات لذّة فحذف المضاف ، ويجوز أن يكون الوصف بالمصدر لقصد المبالغة في كونها لذّة ، فلا يحتاج إلى تقدير المضاف . قال الحسن : خمر الجنة أشدّ بياضاً من اللبن له لذّة لذيذة ، يقال : شراب لذّ ولذيذ كما يقال : نبات غضّ وغضيض ، ومنه قول الشاعر :
بحديثها اللذّ الذي لو كلمت *** أسد الفلاة به أتين سراعا
واللذيذ : كل شيء مستطاب ، وقيل البيضاء : هي التي لم يعتصرها الرجال . ثم وصف هذه الكأس من الخمر بغير ما يتصف به خمر الدنيا ، فقال : { لاَ فِيهَا غَوْلٌ } أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها ولا يصيبهم منها مرض ولا صداع { وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } أي يسكرون ، يقال : نزف الشارب ، فهو منزوف ، ونزيف إذا سكر ، ومنه قول امرئ القيس :
وإذا هي تمشي كمشي النزي *** ف يصرعه بالكثيب البهر
فلثمت فاها آخذاً بقرونها *** شرب النزيف ببرد ماء الحشرج
قال الفراء : العرب تقول ليس فيها غيلة وغائلة وغول سواء . وقال أبو عبيدة : الغول أن تغتال عقولهم ، وأنشد قول مطيع بن إياس :
وما زالت الكأس تغتالهم *** وتذهب بالأوّل الأوّل
وقال الواحدي : الغول حقيقته الإهلاك ، يقال : غاله غولاً ، واغتاله ، أي أهلكه ، والغول كل ما اغتالك ، أي أهلكك . قرأ الجمهور { ينزفون } بضم الياء ، وفتح الزاي مبنياً للمفعول . وقرأ حمزة والكسائي بضم الياء ، وكسر الزاي من أنزف الرجل : إذا ذهب عقله من السكر فهو : نزيف ، ومنزوف ، ومنزف ، يقال : أحصد الزرع : إذا حان حصاده ، وأقطف الكرم : إذا حان قطافه . قال الفراء : من كسر الزاي ، فله معنيان ، يقال أنزف الرجل : إذا فنيت خمره ، وأنزف : إذا ذهب عقله من السكر ، وتحمل هذه القراءة على معنى : لا ينفد شرابهم لزيادة الفائدة . قال النحاس : والقراءة الأولى أبين ، وأصحّ في المعنى ؛ لأن معنى { لا ينزفون } عند جمهور المفسرين : لا تذهب عقولهم ، فنفى الله عزّ وجلّ عن خمر الجنة الآفات التي تلحق في الدنيا من خمرها من الصداع والسكر . وقال الزجاج وأبو علي الفارسي : معنى لا ينزفون بكسر الزاي : لا يسكرون . قال المهدوي : لا يكون معنى ينزفون يسكرون ، لأن قبله { لاَ فِيهَا غَوْلٌ }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.