يقول تعالى ذكره : أخلق هؤلاء المشركون من غير شيء ، أي من غير آباء ولا أمّهات ، فهم كالجماد ، لا يعقلون ولا يفهمون لله حجة ، ولا يعتبرون له بعبرة ، ولا يتعظون بموعظة . وقد قيل : إن معنى ذلك : أم خلقوا لغير شيء ، كقول القائل : فعلت كذا وكذا من غير شيء ، بمعنى : لغير شيء .
وقوله : أمْ هُمُ الخالِقُونَ يقول : أم هم الخالقون هذا الخلق ، فهم لذلك لا يأتمرون لأمر الله ، ولا ينتهون عما نهاهم عنه ، لأن للخالق الأمر والنهي أمْ خَلَقُوا السّمَوَاتِ والأرْضَ يقول : أخلقوا السموات والأرض فيكونوا هم الخالقين ، وإنما معنى ذلك : لم يخلقوا السموات والأرض ، بَلْ لا يُوقِنُونَ يقول : لم يتركوا أن يأتمروا لأمر ربهم ، وينتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى ، لأنهم خلقوا السموات والأرض ، فكانوا بذلك أربابا ، ولكنهم فعلوا ، لأنهم لا يوقنون بوعيد الله وما أعدّ لأهل الكفر به من العذاب في الاَخرة .
وجملة { أم خلقوا السموات والأرض } يظهر لي أنها بدل من جملة { أم هم الخالقون } بدلَ مفصَّل من مُجمل إن كان مفعول { الخالقون } المحذوفُ مراداً به العمومُ وكان المراد بالسماء والأرضضِ ذاتيهما مع من فيهما ، أو بَدل بعض من كل أن المراد ذاتي السماوات والأرض ، فيكون تخصيص السماوات والأرض بالذكر لعظم خلقهما .
وإعادة حرف { أم } للتأكيد كما يُعاد عامل المبدَل منه فِي البدل ، والمعنى : أم هم الخالقون للسماوات والأرض .
والاستفهام إنكاري والكلام كناية عن إثبات أن الله خالق السماوات والأرض .
والمعنى : أن الذي خلق السماوات والأرض لا يُعجزه إعادة الأجساد بعد الموت والفناء . وهذا معنى قوله تعالى : { أو لم يروا أن اللَّه الذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم } [ الإسراء : 99 ] أي أن يخلق أمثال أجسادهم بعد انعدامهم .
إضراب إبطال على مضمون الجملتين اللتين قبله ، أي لم يُخلقوا من غير شيء ولا خَلقوا السماوات والأرض ، فإن ذلك بينّ لهم فما إنكارهم البعث إلا ناشىء عن عدم إيقانهم في مظانّ الإِيقان وهي الدلائل الدالة على إمكان البعث وأنه ليس أغرب من إيجاد المخلوقات العظيمة ، فما كان إنكارهم إياه إلا عن مكابرة وتصميم على الكفر .
والمعنى : أن الأمر لا هَذا ولا ذلك ولكنهم لا يُوقنون بالبعث فهم ينكرونه بدون حجة ولا شبهة بل رانَتْ المكابرة على قلوبهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.