الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ} (36)

وهكذا قال الغَزَّاليُّ في «الإِحياء » ، قال : وقوله عز وجل : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيء } أي : من غير خالق ، انتهى بلفظه من كتاب «آداب التلاوة » قال الغَزَّالِيُّ : ولا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الآيةَ تَدُلُّ أَنَّه لا يُخْلَقُ شَيْءٌ إلاَّ من شيء . انتهى . وقال الفخر : قوله تعالى : { مِنْ غَيْرِ شَيء } فيه وجوه ، المنقول منها : أم خُلِقُوا من غير خالق ، وقيل : أَمْ خُلِقُوا لا لغير شيء عَبَثاً ، وقيل : أم خلقوا من غير أَبٍ وأُمِّ ، انتهى . وأحسنها الأَوَّلُ ؛ كما قال الغَزَّالِيُّ ، واللَّه أعلم بما أراد سبحانه ، وفي الصحيح عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال : " سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ في الْمَغْرِبِ بالطُّورِ ، فَلَمَّا بَلَغَ هذه الآيَةَ : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شيء أَمْ هُمُ الخالقون } إلى قَوْلِهِ : { المصيطرون } كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ " ، وفي رواية : " وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا وَقَرَ الإِيمَانُ في قَلْبِي " انتهى . وأسند أبو بكر ابن الخطيب في تاريخه عن جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قال : «أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في فِدَاءِ أَهْلِ بَدْرٍ ، فَسَمِعْتُهُ يَقْرَأُ في الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ ، فَكَأَنَّمَا تَصَدَّعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ الْقُرْآنَ » انتهى .