مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{أَمۡ خَلَقُواْ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَۚ بَل لَّا يُوقِنُونَ} (36)

قوله تعالى : { أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون } وفيه وجوه : ( أحدها ) ما اختاره الزمخشري وهو أنهم لا يوقنون بأنهم خلقوا وهو حينئذ في معنى قوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله } أي هم معترفون بأنه خلق الله وليس خلق أنفسهم ( وثانيها ) المراد بل لا يوقنون بأن الله واحد وتقديره ليس الأمر كذلك أي ما خلقوا وإنما لا يوقنون بوحدة الله ( وثالثها ) لا يوقنون أصلا من غير ذكر مفعول يقال فلان ليس بمؤمن وفلان ليس بكافر لبيان مذهبه وإن لم ينو مفعولا ، وكذلك قول القائل فلان يؤذي ويؤدي لبيان ما فيه لا مع القصد إلى ذكر مفعول ، وحينئذ يكون تقديره أنهم ما خلقوا السموات والأرض ولا يوقنون بهذه الدلائل ، بل لا يوقنون أصلا وإن جئتهم بكل آية ، يدل عليه قوله تعالى بعد ذلك { وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم } وهذه الآية إشارة إلى دليل الآفاق ، وقوله من قبل { أم خلقوا } دليل الأنفس .