معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا} (44)

قوله تعالى : { يا أبت لا تعبد الشيطان } ، لا تطعه فيما يزين لك من الكفر والشرك ، { إن الشيطان كان للرحمن عصياً } : عاصياً ، كان بمعنى الحال ، أي : هو كذلك .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا} (44)

{ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ْ } لأن من عبد غير الله ، فقد عبد الشيطان ، كما قال تعالى : { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ْ }

{ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا ْ } فمن اتبع خطواته ، فقد اتخذه وليا وكان عاصيا لله بمنزلة الشيطان . وفي ذكر إضافة العصيان إلى اسم الرحمن ، إشارة إلى أن المعاصي تمنع العبد من رحمة الله ، وتغلق عليه أبوابها ، . كما أن الطاعة أكبر الأسباب لنيل رحمته ، ولهذا قال :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا} (44)

وبعد هذا الكشف عما في عبادة الأصنام من نكارة ، وبيان المصدر الذي يستمد منه إبراهيم ويعتمد عليه في دعوة أبيه . . يبين له أن طريقه هو طريق الشيطان ، وهو يريد أن يهديه إلى طريق الرحمن ، فهو يخشى أن يغضب الله عليه فيقضي عليه أن يكون من أتباع الشيطان .

يا أبت لا تعبد الشيطان . إن الشيطان كان للرحمن عصيا .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَـٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا} (44)

إعادة النداء لزيادة تأكيد ما أفاده النداء الأول والثاني .

والمراد بعبادة الشيطان عبادة الأصنام ؛ عبر عنها بعبادة الشيطان إفصاحاً عن فسادها وضلالها ، فإن نسبة الضلال والفساد إلى الشيطان مقررة في نفوس البشر ، ولكن الذين يتبعونه لا يفطنون إلى حالهم ويتبعون وساوسه تحت ستار التمويه مثل قولهم { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } [ الزخرف : 23 ] ، ففي الكلام إيجاز لأن معناه : لا تعبد الأصنام لأن اتخاذها من تسويل الشيطان للذين اتخذوها ووضعوها للناس ، وعبادتَها من وساوس الشيطان للذين سنّوا سنن عبادتها ، ومن وساوسه للناس الذين أطاعوهم في عبادتها ، فمن عَبَد الأصنام فقد عبد الشيطان وكفى بذلك ضلالاً معلوماً .

وهذا كقوله تعالى : { وإن يدعون إلا شيطاناً مريداً } وتقدم في سورة النساء ( 117 ) . وفي هذا تبغيض لعبادة الأصنام ، لأن في قرارة نفوس الناس بغض الشيطان والحذر من كيده .

وجملة إن الشيطان كان للرحمان عصياً تعليل للنهي عن عبادته وعبادة آثار وسوسته بأنه شديد العصيان للرب الواسع الرحمة . وذكر وصف عصياً الذي هو من صيغ المبالغة في العصيان مع زيادة فعل ( كَانَ ) للدلالة على أنه لا يفارق عصيان ربه وأنه متمكن منه ، فلا جرم أنه لا يأمر إلا بما ينافي الرحمة ، أي بما يفضي إلى النقمة ، ولذلك اختير وَصف الرحمان من بين صفات الله تعالى تنبيهاً على أن عبادة الأصنام توجب غضب الله فتفضي إلى الحرمان من رحمته ، فمن كان هذا حاله فهو جدير بأن لا يتبع .

وإظهار اسم الشيطان في مقام الإضمار ، إذ لم يقل : إنه كان للرحمان عصيّاً ، لإيضاح إسناد الخبر إلى المسند إليه ، ولزيادة التنفير من الشيطان ، لأن في ذكر صريح اسمه تنبيهاً إلى النفرة منه ، ولتكون الجملة موعظة قائمة بنفسها . وتقدّم الكلام على يا أبت قريباً .