الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَـٰٓأَبَتِ لَا تَعۡبُدِ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ كَانَ لِلرَّحۡمَٰنِ عَصِيّٗا} (44)

ثم ثلث بتثبيطه ونهيه عما كان عليه : بأن الشيطان - الذي استعصى على ربك الرحمن الذي جميع ما عندك من النعم من عنده ، وهو عدوّك الذي لا يريد بك إلا كل هلاك وخزي ونكال وعدو أبيك آدم وأبناء جنسك كلهم - هو الذي ورّطك في هذه الضلالة وأمرك بها وزينها لك ، فأنت إن حققت النظر عابد الشيطان ، إلا أن إبراهيم عليه السلام لإمعانه في الإخلاص ولارتقاء همته في الربانية لم يذكر من جنايتي الشيطان إلا التي تختص منهما برب العزة من عصيانه واستكباره ، ولم يلتفت إلى ذكر معاداته لآدم وذرّيته كأن النظر في عظم ما ارتكب من ذلك غمر فكره وأطبق على ذهنه .