تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَعِيمٖ} (17)

{ 17-20 } { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ * فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ }

لما ذكر تعالى عقوبة المكذبين ، ذكر نعيم المتقين ، ليجمع بين الترغيب والترهيب ، فتكون القلوب بين الخوف والرجاء ، فقال : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ } لربهم ، الذين اتقوا سخطه وعذابه ، بفعل أسبابه من امتثال الأوامر واجتناب النواهي .

{ فِي جَنَّاتِ } أي : بساتين ، قد اكتست رياضها من الأشجار الملتفة ، والأنهار المتدفقة ، والقصور المحدقة ، والمنازل المزخرفة ، { وَنَعِيمٍ } [ وهذا ] شامل لنعيم القلب والروح والبدن ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَعِيمٖ} (17)

أما الشوط الثاني فهو مثير للحس ، ولكن بما فيه من رخاء ورغد ، وهتاف بالمتاع لا يقاوم ، وبخاصة بعد مشهد العذاب البئيس :

( إن المتقين في جنات ونعيم . فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم . كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون . متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين . والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ، ألحقنا بهم ذريتهم ، وما ألتناهم من عملهم من شيء ، كل امرئ بما كسب رهين . وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون ، يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم . ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون . وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون . قالوا : إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين ؛ فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم . إنا كنا من قبل ندعوه ، إنه هو البر الرحيم ) . .

والمشهد أقرب إلى مشاهد النعيم الحسي ، الذي يخاطب المشاعر في أول العهد ، والذي يجتذب النفوس بلذائذ الحس في صورتها المصفاة . وهو مقابل لذلك العذاب الغليظ التي تواجه به القلوب الجاسية والقلوب اللاهية كذلك :

( إن المتقين في جنات ونعيم . فاكهين بما آتاهم ربهم ، ووقاهم ربهم عذاب الجحيم ) . .

ومجرد الوقاية من عذاب الجحيم الذي عرضت مشاهده في هذه السورة فضل ونعمة . فكيف ومعه ( جنات ونعيم )? وهم يلتذون ما آتاهم ربهم ويتفكهون ?

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَعِيمٖ} (17)

استئناف بياني بعد أن ذكر حال المكذبين وما يقال لهم ، فمن شأن السامع أن يتساءل عن حال أضدادهم وهم الفريق الذين صدقوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به القرآن وخاصة إذ كان السامعون المؤمنين وعادة القرآن تعقيب الإِنذار بالتبشير وعكسه ، والجملة معترضة بين ما قبلها وجملة { أم يقولون شاعر } [ الطور : 30 ] .

وتأكيد الخبر ب ( إن ) للاهتمام به وتنكير { جنات ونعيم } لتعظيم ، أي في أيَّة جنات وأيّ نعيم .

وجمع { جنات } تقدم في سورة الذاريات .

والفاكه : وصف من فكِه كفرح ، إذا طابت نفسه وسرّ .