{ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء } وهذا فيه تقرير إحاطة علمه بالمعلومات كلها ، جليها وخفيها ، ظاهرها وباطنها ، ومن جملة ذلك الأجنة في البطون التي لا يدركها بصر المخلوقين ، ولا ينالها علمهم ، وهو تعالى يدبرها بألطف تدبير ، ويقدرها بكل تقدير ، فلهذا قال { هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء }
وفي صدد التهديد بالعذاب والانتقام يؤكد لهم علم الله الذي لا يند عنه شيء ، فلا خفاء عليه ولا إفلات منه :
( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ) . .
وتوكيد العلم المطلق الذي لا يخفى عليه شيء ، وإثبات هذه الصفة لله - سبحانه - في هذا المقام . . هذا التوكيد يتفق أولا مع وحدانية الألوهية والقوامة التي افتتح بها السياق . كما يتفق مع التهديد الرعيب في الآية السابقة . . فلن يفلت " شيء " من علم الله ( في الأرض ولا في السماء ) بهذا الشمول والإطلاق . ولن يمكن إذن ستر النوايا عليه ، ولا إخفاء الكيد عنه . ولن يمكن كذلك التفلت من الجزاء الدقيق ، ولا التهرب من العلم اللطيف العميق .
{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَآءِ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ هُوَ الَّذِى أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ }
هذه الآية خبر عن علم الله تعالى بالأشياء على التفصيل ، وهذه صفة لم تكن لعيسى ولا لأحد من المخلوقين ، ثم أخبر عن تصويره{[2932]} للبشر في أرحام الأمهات ، وهذا أمر لا ينكره عاقل ، ولا ينكر أن عيسى وسائر البشر لا يقدرون عليه ، ولا ينكر أن عيسى عليه السلام من المصورين في الأرحام ، فهذه الآية تعظيم لله تعالى في ضمنها الرد على نصارى نجران ، وفي قوله : { إن الله لا يخفى عليه شيء } وعيد ما لهم ، فسر بنحو هذا محمد بن جعفر بن الزبير والربيع .
استئناف يتنزّل منزلة البيان لوصف الحي لأنّ عموم العلم يبيِّن كمال الحياة . وجيء ب ( شيء ) هنا لأنّه من الأسماء العامة .
وقوله : { في الأرض ولا في السماء } قصد منه عمومُ أمكنة الأشياء ، فالمراد من الأرض الكرة الأرضية : بما فيها من بحار ، والمراد بالسماء جنس السموات : وهي العوالم المتباعدة عن الأرض . وابتدىء في الذكر بالأرض ليتسنَّى التدرّج في العطف إلى الأبعد في الحكم ؛ لأنّ أشياء الأرض يعلم كثيراً منها كثيرٌ من الناس ، أما أشياء السماء فلا يعلم أحد بعضها فضلاً عن علم جميعها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.