قوله تعالى : { ولقد تركنا منها } من قريات لوط ، { آية بينة } عبرة ظاهرة ، { لقوم يعقلون } يتدبرون الآيات تدبر ذوي العقول ، قال ابن عباس : الآية البينة : آثار منازلهم الخربة . وقال قتادة : هي الحجارة التي أهلكوا بها أبقاها الله حتى أدركها أوائل هذه الأمة . وقال مجاهد : هي ظهور الماء الأسود على وجه الأرض .
عطف على جملة { ولوطاً إذ قال لقومه } [ العنكبوت : 28 ] الخ عطف آية على آية لأن قصة لوط آية بما تضمنته من الخبر ، وآثار قرية قومه آية أخرى بما يمكن مشاهدته لأهل البصر . ويجوز أن تكون جملة معترضة في آخر القصة . وعلى كلا الوجهين فهو من كلام الله . ونون المتكلم المعظم ضمير الجلالة وليست ضمير الملائكة . والآية : العلامة الدالة على أمر .
ومفعول { تركنا } يجوز أن يكون { آية } فيجعل ( من ) حرف جر وهو مجرور وصفاً ل { آية } قدّم على موصوفه للاهتمام فيجعل حالاً من { آية } .
ويجوز أن تكون ( من ) للابتداء ، أي تركنا آية صادرة من آثارها ومعرفة خبرها ، وهي آية واضحة دائمة على طول الزمان إلى الآن ولذلك وصفت ب { بينة } ، ولم توصف آية السفينة ب { بينة } في قوله { وجعلناها ءاية للعالمين } [ العنكبوت : 15 ] ، لأن السفينة قد بليت ألواحها وحديدها أو بقي منها ما لا يظهر إلا بعد تفتيش إن كان .
ويجوز جعل ( من ) اسماً بمعنى بعض على رأي من رأى ذلك من المحققين ، فتكون ( من ) مفعولاً مضافاً إلى ضمير ( قرية ) . وتقدم بيان ذلك عند قوله تعالى { ومن الناس من يقول ءامنا بالله } الآية في سورة البقرة ( 8 ) . والمعنى : ولقد تركنا من القرية آثاراً دالة لقوم يستعملون عقولهم في الاستدلال بالآثار على أحوال أهلها . وهذه العلامة هي بقايا قريتهم مغمورة بماء بحيرة لوط تلوح من تحت المياه شواهد القرية ، وبقايا لون الكبريت والمعادن التي رجمت بها قريتهم وفي ذلك عدة أدلة باختلاف مدارك المستدلين .
ويتعلق قوله { لقوم يعقلون } بقوله { تركنا } ، أو يجعل ظرفاً مستقراً صفة ل { آية } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.