نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَلَقَد تَّرَكۡنَا مِنۡهَآ ءَايَةَۢ بَيِّنَةٗ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (35)

ولما كان التقدير : ففعلت رسلنا ما وعدوه به من إنجائه وإهلاك جميع قراهم ، فتركناها ، كأن لم يسكن بها أحد قط ، عطف عليه قوله مؤكداً إشارة إلى فضيلة المخاطبين بهذه القصة من العرب وغيرهم ، وأنه ليس بينهم وبين الهدى إلا تفكرهم في أمرهم مع الإنخلاع من الهوى : { ولقد تركنا } بما لنا من العظمة { منها } أي من تلك القرية { آية } علامة على قدرتنا على كل ما نريد { بينة } وهو الماء الأسود المنتن الذي غمر قراهم كلها بعد الخسف بها وهو مباين لجميع مياه الأرض لكونه ماء السخط لمن باينوا بفعلهم الخلق مع اشتهار كونه على الخسف .

ولما كان سبحانه قد حجب عن الأبصار كثيراً من الناس قال : { لقوم يعقلون* } فعد من لم يستبصر بها غير عاقل ولا شاعر بأنها آية ولا فيه أهلية القيام بما يريد .