{ 47-49 } { وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ * وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ }
لما ذكر [ الله ] عذاب الظالمين في القيامة ، أخبر أن لهم عذابا دون عذاب يوم القيامة{[889]} وذلك شامل لعذاب الدنيا ، بالقتل والسبي والإخراج من الديار ، ولعذاب البرزخ والقبر ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ } أي : فلذلك أقاموا على ما يوجب العذاب ، وشدة العقاب .
ثم أخبر تعالى بأنهم لهم دون هذا اليوم ، أي قبله عذاب ، واختلف الناس في تعيينه ، فقال ابن عباس وغيره : هو بدر والفتح ونحوه . وقال مجاهد : هو الجوع الذي أصاب قريشاً . وقال البراء بن عازب وابن عباس أيضاً : هو عذاب القبر ، ونزع ابن عباس وجود عذاب القبر بهذه الآية . وقال ابن زيد : هو مصائب الدنيا في الأجسام وفي الأحبة وفي الأموال ، هي للمؤمنين رحمة وللكافرين عذاب ، وفي قراءة ابن مسعود : دون ذلك قريباً { ولكن } { لا يعلمون } .
جملة معترضة والواو اعتراضية ، أي وإن لهم عذاباً في الدنيا قبل عذاب الآخرة ، وهو عذاب الجوع في سني القحط ، وعذاب السيف يوم بدر .
وفي قوله : { للذين ظلموا } إظهار في مقام الإِضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال : وإن لهم عذاباً جرياً على أسلوب قوله : { فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون } [ الطور : 45 ] فخولف مقتضى الظاهر لإِفادة علة استحقاقهم العذاب في الدنيا بأنها الإِشراك بالله .
وكلمة { دون } أصلها المكان المنفصل عن شيء انفصالاً قريباً ، وكثر إطلاقه على الأقل ، يقال : هو في الشرف دونَ فلان ، وعلى السابق لأنه أقرب حلولاً من المسبوق ، وعلى معنى ( غير ) . و { دون } في هذه الآية صالحة للثلاثة الأخيرة ، إذ المراد عذابٌ في الدنيا وهو أقل من عذاب الآخرة قال تعالى : { ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } [ السجدة : 21 ] وهو أسبق من عذاب الآخرة لقوله تعالى : { دون العذاب الأكبر } ، وهو مغاير له كما هو بيّن .
ولكون هذا العذاب مستبعداً عندهم وهم يرون أنفسهم في نعمَة مستمرة كما قال تعالى : { ليقولن هذا لي } [ فصلت : 50 ] أُكد الخبر ب { إنّ } فالتأكيد مراعى فيه شكهم حين يسمعون القرآن ، كما دل عليه تعقيبه بقوله : { ولكن أكثرهم لا يعلمون } .
والاستدراك الذي أفادته ( لكنَّ ) راجع إلى مفاد التأكيد ، أي هو واقع لا محالة ولكن أكثرهم لا يعلمون وقوعه ، أي لا يخطر ببالهم وقوعه ، وذلك من بطرهم وزهوهم ومفعول { لا يعلمون } محذوف اختصاراً للعمل به وأسند عدم العلم إلى أكثرهم دون جميعهم لأن فيهم أهْل رأي ونظر يتوقعون حلول الشر إذا كانوا في خير .
والظلم : الشرك قال تعالى : { إن الشرك لظلم عظيم } [ لقمان : 13 ] وهو الغالب في إطلاقه في القرآن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.