إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَابٗا دُونَ ذَٰلِكَ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَعۡلَمُونَ} (47)

{ وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا } أي لهُم ووضعُ الموصولِ موضعَ الضميرِ لما ذُكرَ من قبلُ أي وإنَّ لهؤلاءِ الظلمةِ { عَذَاباً } آخرَ { دُونِ ذَلِكَ } دُونَ ما لاقوه من القتلِ أي قبلَهُ وهو القحطُ الذي أصابَهُم سبعُ سنينَ أو وراءَهُ كما في قولِه : [ الطويل ]

تُريكَ القَذَى منْ دُونِها وهو دونها *** [ تراه إذا ما ذاقها يتمطق ]{[752]}

وهو عذابُ القبرِ وما بعَدُه من فنونِ عذابِ الآخرةِ . وقُرئ دونَ ذلكَ قربياً { ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أنَّ الأمرَ كَما ذكرنَا ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ فيهم مَنْ يعلمُ ذلكَ وإنما يصرُّ على الكُفرِ عناداً أو لا يعلمونَ شيئاً أصلاً .


[752]:ورد الصدر في المعجم كما يلي: "تريك القذى من دونها وهي دونه" إلى آخر البيت. وهو للأعشى في ديوانه (ص269)؛ وتهذيب اللغة (14/180)؛ وأساس البلاغة (مطق)، وتاج العروس (مطق)، وبلا نسبة في لسان العرب (مطق)، (دون)؛ وتاج العروس (دون).